الدار في هذه الساعة وقول الثاني ليس زيد في هذه الدار في هذه الساعة فانا نعلم قطعا ان أحد المخبرين صادق والاخر كاذب لان المخبر عنه لا يحتمل اجتماع الحالتين فيه معا فيكون زيد في الدار ولا يكون في الدار لعمري قد يختلف المختلفان في حكم عقلي في مسالة ويكون محل الاختلاف مشتركا وشرط تقابل القضيتين نافذا فحينئذن يمكن ان يصوب المتنازعان ويرتفع النزاع بينهما برفع الاشتراك أو يعود النزاع إلى أحد الطرفين مثال ذلك المختلفان في مسالة الكلام ليسا يتواردان على معنى واحد بالنفي والاثبات فان الذي قال هو مخلوق أراد به ان الكلام هو الحروف والأصوات في اللسان والرقوم والكلمات في الكتابة قال وهذا مخلوق والذي قال ليس بمخلوق لم يرد به الحروف والرقوم وانما أراد به منعى اخر فلم يتنازع في الخلق على معنى واحد وكذلك في مسالة الرؤية فان النافي قال الرؤية انما هي اتصال شعاع بالمرئي وهو لا يجوز في حق الباري تعالى والمثبت قال الرؤية ادراك أو علم مخصوص ويجوز تعلقه بالباري تعالى فلم يتوارد النفي والاثبات على معنى واحد الا إذا رجع الكلام إلى اثبات حقيقة الرؤية فيتفقان أولا على انها ما هي ثم يتكلمان نفيا واثباتا وكذلك في مسالة الكلام يرجعان إلى اثبات ماهية الكلام ثم يتكلمان نفيا واثباتا والا فيمكن ان تصدق القضيتان وقد صار أبو الحسن العنبري إلى ان كل مجتهد ناظر في الأصول مصيب لأنه أدى ما كلف به من المبالغة في تسديد النظر في المنظور فيه وان كان متعينا نفيا واثباتا الا انه أصاب من وجه وانما ذكر هذا في الاسلاميين من الفرق واما الخارجون عن الملة فقد تقررت النصوص والاجماع على كفرهم وخطئهم وكان سياق مذهبه يقتضي تصويب كل مجتهد على الاطلاق الا ان النصوص والاجماع صدته عن تصويب كل ناظر وتصديق كل قائل
(٢٠٢)