واما العفو ففي قوله تعالى * (وأن تعفوا أقرب للتقوى) * ففي احكام التوراة احكام السياسة الظاهرة العامة وفي الإنجيل أحكام السياسة الباطنة الخاصة وفي القرآن احكام السياستين جميعا * (ولكم في القصاص حياة) * إشارة إلى تحقيق السياسة الظاهرة وقوله تعالى * (وأن تعفوا أقرب للتقوى) * وقوله * (خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين) * إشارة إلى تحقيق السياسة الباطنة وقد قال عليه الصلاة والسلام هو ان تعفو عمن ظلمك وتعطي من حرمك وتصل من قطعك ومن العجب ان من رأى غيره يصدق ما عنده ويكمله برقيه من درجة إلى درجة كيف يسوغ له تكذيبه والنسخ في الحقيقة ليس ابطالا بل هو تكميل وفي التوراة أحكام عامة واحكام خاصة اما باشخاص واما بازمان وإذا انتهى الزمان لم يقى ذلك لا محالة ولا يقال انه ابطال أو بداء كذلك هاهنا واما السبت فلو ان اليهود عرفوا لم ورد التكليف بملازمة السبت وهو يوم أي شخص من الاشخاص وفي مقابلة اية حالة من الأحوال وجزئي أي زمان عرفوا ان الشريعة الأخيرة حق وانها جاءت لتقرير السبت لا لابطاله وهم الذين عدوا في السبت حتى مسخوا قردة خاسئين وهم يعترفون بذلك وبان موسى عليه السلام بنى بيتا وصور فيه صورا واشخاصا وبين مراتب الصور وأشار إلى تلك الرموز ولكن لما فقدوا الباب باب حطة ولم يمكنهم النسور من سنن اللصوص تحيروا تائهين وتاهو متحيرين فاختلفوا على احدى وسبعين فرقة ونحن نذكر منها اشهرها وأظهرها عندهم ونترك الباقي هملا والله الموفق
(٢١٤)