فاما احمد بن حنبل وداود بن علي الاصفهاني وجماعة من أئمة السلف فجروا على منهاج السلف المتقدمين عليهم من أصحاب الحديث مثل مالك بن انس ومقاتل ابن سليمان وسلكوا طريق السلامة فقالوا نؤمن بما ورد به الكتاب والسنة ولانتعرض للتأويل بعد ان نعلم قطعا ان الله عز وجل لا يشبه شيئا من المخلوقات وان كل ما تمثل في الوهم فإنه خالقه ومقدره وكانوا يحترزون عن التشبيه إلى غاية ان قالوا من حرك يده عند قراءة قوله تعالى * (خلقت بيدي) * أو أشار بإصبعيه عند روايته قلب المؤمن بين إصبعين من أصابع الرحمن وجب قطع يده وقلع إصبعيه وقالوا انما توقفنا عن تفسير الآيات وتأويلها لامرين أحدهما المنع الوارد في التنزيل في قوله تعالى * (فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولوا الألباب) * فنحن نحترز عن الزيغ والثاني ان التأويل امر مظنون بالاتفاق والقول في صفات الباري بالظن غير جائز فربما أولنا الآية على غير مراد الباري تعالى فوقعنا في الزيغ بل نقول كما قال الراسخون في العلم * (كل من عند ربنا) * امنا بظاهره وصدقنا بباطنه ووكلنا علمه إلى الله تعالى ولسنا مكلفين بمعرفة ذلك إذ ليس ذلك من شرائط الايمان وأركانه واحتاط
(١٠٤)