صورة الرحمن وقوله حتى يضع الجبار قدمه في النار وقوله قلب المؤمن بين إصبعين من أصابع الرحمن وقوله خمر طينة ادم بيده أربعين صباحا وقوله وضع يده أو كفه على كتفي وقوله حتى وجدت برد أنامله على كتفي إلى غير ذلك اجروها على ما يتعارف في صفات الأجسام وزادوا في الاخبار أكاذيب وضعوها ونسبوها إلى النبي عليه الصلاة والسلام وأكثرها مقتبسة من اليهود فان التشبيه فيهم طباع حتى قالوا اشتكت عيناه فعادته الملائكة وبكى على طوفان نوح حتى رمدت عيناه وان العرش لتئط من تحته كأطيط الرحل الحديد وانه ليفضل من كل جانب اربع أصابع وروى المشبه عن النبي عليه الصلاة والسلام انه قال لقيني ربي فصافحني وكافحني ووضع يده بين كتفي حتى وجدت برد أنامله وزادوا على التشبيه قولهم في القران ان الحروف والأصوات والرقوم المكتوبة قديمة أزلية وقالوا لا يعقل كلام ليس بحروف ولا كلم واستدلوا باخبار منها ما رووا عن النبي عليه الصلاة والسلام ينادي الله تعالى يوم القيامة بصوت يسمعه الأولون والآخرون ورووا ان موسى عليه السلام كان يسمع كلام الله كجر السلاسل قالوا وأجمعت السلف على ان القران كلام الله غير مخلوق ومن قال هو مخلوق فهو كافر بالله ولا نعرف من القرآن الا ما هو بين أظهرنا فنبصره ونسمعه ونقرؤه ونكتبه والمخالفون في ذلك واما المعتزلة فوافقونا على ان هذا الذي في أيدينا كلام الله وخالفونا في القدم وهم محجوجون بإجماع الأمة وأما الأشعرية فوافقونا على أن القرآن قديم وخالفونا في أن الذي في أيدينا كلام الله وهم محجوجون أيضا باجماع الأمة ان المشار اليه هو كلام الله فاما اثبات كلام هو صفة قائمة بذات الباري تعالى لا نبصرها ولا نكتبها ولا نقرؤها ولا نسمعها فهو مخالفة الاجماع من كل وجه
(١٠٦)