ثانيا: نظرا إلى أن القرآن والبرهان فندا إمكان الرؤية الحسية، فلو أن رواية لا تقبل التوجيه، فهي مرفوضة قطعا، لذا قال الإمام الرضا (عليه السلام) في جواب أبي قرة حين سأله: فتكذب بالروايات؟: " إذا كانت الروايات مخالفة للقرآن كذبت بها " (1).
كذلك لا يصح الاستدلال بقوله تعالى: (وجوه يومئذ ناضرة * إلى ربها ناظرة) (2) على إمكان الرؤية الحسية؛ لأن الجمع بين هذه الآية وسائر الآيات التي تدل على عدم إمكان الرؤية الحسية نحو قوله تعالى: (لا تدركه الابصر وهو يدرك الابصر) (3) يقتضي أن الرؤية الحسية غير مقصودة، كما فسرت الروايات المأثورة عن أهل البيت (عليهم السلام) النظر إلى الله في الآية المذكورة بالنظر إلى رحمة الله، أو ثوابه، أو النظر إلى وجه الأنبياء والأولياء (4).
ومن الجدير بالذكر أن ما ورد في هذه الروايات نماذج من مصاديق تفسير النظر إلى وجه الله، والنموذج الأمثل الأسطع هو رؤية الله القلبية التي سيأتي تفسيرها (5)، ولم يشر إلى هذا المعنى - كما يبدو - حؤولا دون استغلال هذا التفسير في الروايات المذكورة.