والحيوانات، والأرض، والجبال، والماء، والبحار، والنباتات، والرياح، والسحاب، والمطر، والشمس، والقمر، والليل، والنهار، والنجوم، وأخيرا من أصغر ذرات العالم إلى أكبر الأجرام السماوية - لو درست بشكل علمي جامعي من منظور قرآني، لما تقدم المسلمون اليوم في الكلام والفلسفة والحكمة فحسب، بل في جميع العلوم التجريبية أيضا، ولعمرتهم معرفة الله القائمة على تعاليم القرآن، والدين، والدنيا: (فعند الله ثواب الدنيا والآخرة) (1).
التعقل، لا التعبد من البديهي أن المقصود من الاستنارة بتعاليم القرآن والحديث لمعرفة الله تعالى ليس القبول التعبدي بها فيشكل على أن حجية القرآن والحديث تستند إلى إثبات وجود الله، فلو استند إثبات وجوده تعالى إلى الكتاب والسنة يكون دورا، وهو باطل عقلا، بل المقصود هو الاستهداء بالأدلة والبراهين العقلية المستقاة من القرآن والحديث بنحو يستطيع العقل فيه أن يدرك وجود الخالق وصفاته عبر التأمل فيها بغض النظر عن قائلها، فالتعقل هو المعيار في الإقرار بوجود الله لا التعبد.
وفي ضوء ذلك، لا ضرورة لدراسة أسناد الأحاديث المرتبطة بمعرفة الله والتحقيق في انتسابها إلى أهل البيت من أجل الاستضاءة بها؛ لأن ما فيها من الفاعلية والتأثير هو البراهين العقلية الكامنة فيها، لا انتسابها إلى أهل البيت (عليهم السلام) فحسب.
أجل، بعد إثبات التوحيد والنبوة، وحجية كلام أهل البيت (عليهم السلام) عن طريق العقل، لو ورد عن طريق النقل كلام لهم في صفات الله سبحانه لا يستند إلى البرهان فلا بد من سبره وتحليله للاقتناع من انتسابه إليهم. وإذا ثبت جزما أنه مهم، فالعقل يحكم بقبوله تعبدا.