الوجود فلا يتجلى له خالق الوجود، إلا أن يكون هناك نقص في نظره.
إن هذه الحقيقة القرآنية طرحها أمير المؤمنين علي (عليه السلام) في مواضع مختلفة بعبارات متعددة وبشكل ساحر يستهوي القلوب، وحديثه (عليه السلام) في هذا المجال يعد من أبلغ البيان لمعرفة الله تعالى عن طريق الآيات والدلالات، ومنها قوله (عليه السلام):
" الحمد لله المتجلي لخلقه بخلقه، والظاهر لقلوبهم بحجته " (1).
قد تمرون على هذه العبارة مر الكرام، وفي الواقع أن روعتها وعمقها في غنى عن الشرح والتوضيح، فإن تجلي الخالق للإنسان ليس بالأمر الذي يمكن وصفه بالكتابة والكلام، إنه أمر ذوقي نظري، ومن الطبيعي أن من سلمت ذائقة روحه وثقبت عين بصيرته مثل أمير المؤمنين علي (عليه السلام)؛ فإنه يعتبر الخلق كله مرآة لجمال الخالق وجلاله.
تجلي الخالق في مرآة الخلق إن إدراك تجلي الخالق في مرآة الخلق يتناسب شدة وضعفا مع ميزان قوة رؤية الإنسان، فكلما كانت موانع المعرفة عنده أقل وقوة الرؤية العقلية والقلبية أكثر، فإن تجلي الخالق - تبارك وتعالى - في مرآة الخلق بالنسبة له أكثر إحساسا وأشد إدراكا.
إن المحقق البحراني، في بيانه لأنواع الادراكات الإنسانية لتجليات الخالق في الخلق، يصنف الناس إلى أربعة أصناف فيقول:
" إن تجليه يعود إلى إجلاء معرفته من مصنوعاته لقلوب عباده، حتى أشبهت كل ذرة من مخلوقاته مرآة ظهر فيها لهم، فهم يشاهدونه على قدر