5. عجائب البحار لا ريب في أن كل ما في عالم الخلق عجيب يشير إلى قدرة الخالق وحكمته، لكن بعض الظواهر أكثر إثارة من غيرها، وفي هذا الجانب يقول الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) في بعض دعائه: " يا من في كل شيء دلائله، يا من في البحار عجائبه " (1) إن التأمل في خلق عشرات آلاف الأنواع من الأحياء البحرية وكذلك التأمل في حياتها لدليل على هذا الكلام.
6. الكشف التدريجي لمنافع البحر مع تقدم العلم إن الذي تقدم مما ذكرناه عن أدلة معرفة الخالق من خلال خلق البحار ودورها في حياة الإنسان، عبارة عن ظواهر مفهومة للناس في عصر النزول وما تلاه من القرون، ومما لا ريب فيه أن منافع البحار ودلائل معرفة الله الخفية فيها، لا تقتصر على التي ذكرناها، إذ أن للبحر منافع أخرى تدخل في حياة الإنسان، إن لم تكن أكثر وأهم من الفوائد التي ذكرناها فبلا شك أنها ليست أقل منها، ومنها: نزول المطر، ولطافة الجو، وضمان رطوبة الأرض، فضلا عن استخراج عناصر كثيرة من ماء البحر دخلت في صناعات الأدوية بعد تطور العلم، مثل: المغنيسيوم، والبوتاسيوم، وسلفات الصوديوم وغيرها.
لقد أشار الإمام الصادق (عليه السلام) إلى الكشف التدريجي لمنافع البحر وإلى الفوائد والأدلة التي لم تعرف في تلك الأيام بقوله (عليه السلام):
" إذا أردت أن تعرف سعة حكمة الخالق وقصر علم المخلوقين، فانظر إلى ما في البحار من ضروب السمك ودواب الماء والأصداف، والأصناف التي لا تحصى ولا تعرف منافعها إلا الشيء يدركه الناس بأسباب تحدث " (2).