إلى الأرض أحد، ولا يصعد من الأرض إليها بشر، ولا طريق إليها ولا مسلك، فلو نظر العباد في كل دهر مرة من يصعد إليها وينزل لكان ذلك أثبت في الربوبية، وأنفى للشك وأقوى لليقين، وأجدر أن يعلم العباد أن هناك مدبرا إليه يصعد الصاعد، ومن عنده يهبط الهابط؟ -: إن كل ما ترى في الأرض من التدبير إنما هو ينزل من السماء، ومنها يظهر، أما ترى الشمس منها تطلع، وهي نور النهار، وفيها قوام الدنيا، ولو حبست لحار من عليها وهلك، والقمر منها يطلع، وهو نور الليل، وبه يعلم عدد السنين والحساب والشهور والأيام، ولو حبس لحار من عليها وفسد التدبير، وفي السماء النجوم التي يهتدى بها في ظلمات البر والبحر، ومن السماء ينزل الغيث الذي فيه حياة كل شيء؛ من الزرع والنبات والأنعام، وكل الخلق لو حبس عنهم لما عاشوا، والريح لو حبست أياما لفسدت الأشياء جميعا وتغيرت، ثم الغيم والرعد والبرق والصواعق، كل ذلك إنما هو دليل على أن هناك مدبرا يدبر كل شيء، ومن عنده ينزل، وقد كلم الله موسى وناجاه، ورفع الله عيسى بن مريم، والملائكة تتنزل من عنده، غير أنك لا تؤمن بما لم تره بعينك، وفيما تراه بعينك كفاية أن تفهم وتعقل. (1) 3528. عنه (عليه السلام): ولعمري لو تفكروا في هذه الأمور العظام لعاينوا من أمر التركيب البين، ولطف التدبير الظاهر، ووجود الأشياء مخلوقة بعد أن لم تكن، ثم تحولها من طبيعة إلى طبيعة، وصنيعة بعد صنيعة، ما يدلهم ذلك على الصانع؛ فإنه لا يخلو شيء منها من أن يكون فيه أثر تدبير وتركيب يدل
(١٢٦)