جميع ما فيه، وضروب النبات مهيأة لماربه، وصنوف الحيوان مصروفة في مصالحه ومنافعه، ففي هذا دلالة واضحة على أن العالم مخلوق بتقدير وحكمة، ونظام وملاءمة، وأن الخالق له واحد، وهو الذي ألفه ونظمه بعضا إلى بعض. (1) 3525. عنه (عليه السلام) - أيضا -: اعلم - يا مفضل - أن اسم هذا العالم بلسان اليونانية الجاري المعروف عندهم " قوسموس " وتفسيره " الزينة " وكذلك سمته الفلاسفة ومن ادعى الحكمة، أفكانوا يسمونه بهذا الاسم إلا لما رأوا فيه من التقدير والنظام؟ فلم يرضوا أن يسموه تقديرا ونظاما حتى سموه زينة؛ ليخبروا أنه - مع ما هو عليه من الصواب والإتقان - على غاية الحسن والبهاء.
أعجب - يا مفضل - من قوم لا يقضون صناعة الطب بالخطأ وهم يرون الطبيب يخطئ، ويقضون على العالم بالإهمال ولا يرون شيئا منه مهملا!
بل أعجب من أخلاق من ادعى الحكمة حتى جهلوا مواضعها في الخلق، فأرسلوا ألسنتهم بالذم للخالق - جل وعلا -!
بل العجب من المخذول " ماني " حين ادعى علم الأسرار، وعمي عن دلائل الحكمة في الخلق، حتى نسبه إلى الخطا، ونسب خالقه إلى الجهل، تبارك الحليم الكريم!
وأعجب منهم جميعا المعطلة الذين راموا أن يدرك بالحس ما لا يدرك بالعقل، فلما أعوزهم ذلك خرجوا إلى الجحود والتكذيب فقالوا: ولم لا يدرك بالعقل؟ قيل: لانه فوق مرتبة العقل كما لا يدرك البصر ما هو