إلى قدر معلوم، وأجل مقسوم، تمور (1) في بطن أمك جنينا لا تحير دعاء، ولا تسمع نداء.
ثم أخرجت من مقرك إلى دار لم تشهدها، ولم تعرف سبل منافعها؛ فمن هداك لاجترار الغذاء من ثدي أمك، وعرفك عند الحاجة مواضع طلبك وإرادتك؟ (2) 3539. بحار الأنوار عن المفضل بن عمر عن الإمام الصادق (عليه السلام): فكر - يا مفضل - في أعضاء البدن أجمع وتدبير كل منها للإرب (3)؛ فاليدان للعلاج، والرجلان للسعي، والعينان للاهتداء، والفم للاغتذاء، والمعدة للهضم، والكبد للتخليص، والمنافذ لتنفيذ الفضول، والأوعية لحملها، والفرج لإقامة النسل، وكذلك جميع الأعضاء إذا تأملتها وأعملت فكرك فيها ونظرك؛ وجدت كل شيء منها قد قدر لشيء على صواب وحكمة.
فقلت: يا مولاي، إن قوما يزعمون أن هذا من فعل الطبيعة!
فقال: سلهم عن هذه الطبيعة، أهي شيء له علم وقدرة على مثل هذه الأفعال، أم ليست كذلك؟ فإن أوجبوا لها العلم والقدرة فما يمنعهم من إثبات الخالق؟ فإن هذه صنعته، وإن زعموا أنها تفعل هذه الأفعال بغير علم ولا عمد، وكان في أفعالها ما قد تراه من الصواب والحكمة علم أن هذا الفعل للخالق الحكيم، وأن الذي سموه طبيعة هو سنة في خلقه الجارية على ما أجراها عليه....