قبولهم لمشاهدته وتفاوت تلك المشاهدة بحسب تفاوت أشعة أبصار بصائرهم:
فمنهم: من يرى الصنيعة أولا والصانع ثانيا.
ومنهم: من يراهما معا.
ومنهم: من يرى الصانع أولا.
ومنهم: من لا يرى مع الصانع غيره " (1).
ولأجل توضيح هذا التقسيم فإننا نذكر مثالا يوضح إلى حد ما هذا المطلب؛ لو كانت لديك مرآة وتريد أن تنظر إلى صورة شيء معين فيها، فإنك تارة ترى المرآة أولا ثم ترى الصورة، وتارة ترى المرآة والصورة معا، أي عند رؤية الصورة تنتبه إلى المرآة أيضا، وتارة ترى الصورة أولا ثم تنتبه إلى المرآة، وتارة تمعن النظر في الصورة إلى الحد الذي لا تنتبه إلا إلى الصورة التي في المرآة، فلا ترى شيئا آخر غيرها.
ومع الاعتناء بهذا المثال، فإنه يمكن تقسيم الناس، الذين يتمتعون بالبصيرة العقلية من حيث إدراك تجلي الخالق في مرآة الخلق، إلى أربعة أقسام:
القسم الأول: أولئك الذين يراجعون مرآة الخلق، فيشاهدون تلك المرآة أولا، ثم يتجلى الخالق ثانيا لعقولهم من خلال مطالعة مرآة الخلق وملاحظتها.
القسم الثاني: الذين يتمتعون بقوة رؤية أدق، فيعرفون الخالق قبل معرفة القسم الأول، حيث يرون مرآة الخلق والخالق في آن واحد، وبعبارة أخرى: إنهم يرون الخالق في هذه المرآة وبواسطتها، أي في الوقت الذي ترى عيونهم الجبل والبحر والشجر وغيرها من الموجودات، فإنهم يرون الخالق - جل وعلا - بالبصيرة العقلية.