صورة في إطار، لا مجلوة الجلاء كله، ولا مطموسة الطموس كله، وإنما تحتوي من الأضواء والظلال ما يوشك أن يضع الأعمال الفكرية لهؤلاء الأعلام على نحو يسعها معه التعبير عن محتوياتها ومضامينها بالإيماء والتلميح، إن يكن فاته التفسير بالمجاهرة والتصريح.
ولا إخالني أغالي لو أنني قلت إن المؤلف قد اختار لنفسه، بهذا الإيجاز الطريق الأصعب، إذ نراه يؤثر الكلمة على العبارة، والسطر على الصحيفة، ولو استطاع فربما لجأ في تعبيره إلى الرمز دون الإفصاح متبعا مثل أسلوب الاختزال!..
والحق معه!..
فلقد شاء أن يجمع لقرائه أكبر قدر ما يعلم في أصغر حيز مما يكتب!..
إنه يعرف لهم بضعة وثلاثين علما من أعلام الفكر في صفحات معدودات يسهل عليه - لو شاء - أن يفردها لواحد منهم.
وهو يتخلل أذهان أعلامنا هؤلاء ليستخلص منها من ثمرات عقولهم ما قد يشبع بعض نهم المنهومين بالمعرفة واستقصاء الآراء.
وهو يجري في معالجة هذا الأمر على طريقة من المناقشة الميسرة بينه وبين من أسكنهم بين غلافي كتابه، فإذا الحوار سهل هين، وإذا الحديث رقيق لين، وإذا المعاني لا تشق على قارئ متخصص ولا على قارئ يتخطف الكلمات تخطفا ويعبر السطور عبور من يزجى وقت فراغ!..
بل النقاش الذي يسوقه المرتضى لمدخل عرف كيف ينفذ منه إلى بث أفكاره العقيدية والدفاع عنها، دون أن يتبدى للناس في ثوب دعوة، أو في زرد دفاع!
بل حديثه كله إغراء للقراء بمتابعة السير من أجل ارتياد منابع المعرفة التي