لو وجد نفر ممن يعملون بإخلاص في التقريب بين آراء علماء المذاهب الدينية، ويغشون الأندية، والمجامع، ويطرقون أبواب العلماء والدارسين، ويتعرفون إليهم، ويتلمسون آراءهم، ويسعون بكل ما أوتوا من علم وبيان في إزالة السحب القاتمة على قلوب الجامدين، والمتعصبين من العلماء يعملون مخلصين وجاهدين، وكانوا همزة وصل بين علماء الإمامية، وعلماء أهل السنة يزيحون الشبهات وما علق بالأذهان من مسائل خلافية، لا تمس جوهر الدين ولا أصله، ويدعون إلى مؤتمرات، وندوات، ليفهم بعضهم بعضا عن قرب لذابت ثلوج التعصب والجهالة، والضلال، ولتقطعت حلقات الأغلال، ولكان المسلمون في خير، وإلى خير كثير.
لقد قام الأستاذ " الرضوي " أرضاه الله، بمجهود كبير في كتابه " مع رجال الفكر في القاهرة " حيث تحدث إلى نفر من علماء القاهرة ورجالات الفكر، وأجلى لنا صورا شتى من آرائهم، ومعتقداتهم حول فقه آل بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فكان همزة وصل بين معتنقي مذهب الإمامية ومعتنقي مذاهب أهل السنة، يعمل لكي لا يجعل الخلافات في جوانب من الفقه للنفور والابتعاد، ومناطا للاختلاف، بين بعضهم البعض، مما يوهي عرى الإسلام والوحدة، كما يدعو إلى تناسي الأحقاد وإلى إحلال الوفاق والتفاهم، محل الخلاف، والتباغض، الخ.
إن وجود فرد من أمثال الأستاذ " الرضوي " الذي تعتز به أندية العلم والفضل، كون في محيطه آثارا طيبة مباركة.
فهذا كتابه " مع رجال الفكر في القاهرة " وقد استفرغ فيه وسعه، واستنفذ طاقته، وأنضى إليه ركائب الطلب، وسلك إليها كل سبيل، وركب فيها كل صعب وذلول، ولم يدخرونه سعيا، ولم يأل جهدا، خير جسر يصل بين فريقين عظيمين،