ولا نشك أن الرجل الحكيم أبو طالب مؤمن قريش هو البطل الأول المعاضد لرسول الله والحافظ له والمبطن الوحدانية، لم يجاهر وذلك لحفظ كيانه بقريش وحفظ كيان هذه الدعوة.
ولا ننسى ما قاسى من قريش حين قاطعت بني هاشم لمعاضدته، بيد أن عليا (عليه السلام) كان إلى جنبه ظاهرا وباطنا، وإذا برسول الله (صلى الله عليه وآله) يشير إلى علي ويقول هذا وصيي ووزيري وخليفتي عليكم فاسمعوا له وأطيعوا.
أفكان ينطق رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن الهوى؟! لا، بل هو وحي يوحى، فكان مقام علي كمقام عيسى آتاه الله الحكم صبيا، ثم تلت تضحياته الواحدة تلو الأخرى، بدأت بمبيته على فراش رسول الله (صلى الله عليه وآله) تحت رحمة السيوف لتمزيقه شر ممزق، ثم تلتها الهجرة، ثم الوقائع الواحدة تلو الأخرى، فكانت له في (36) واقعة كل منها حصة الأسد من التضحية.
وأيم الله لولا سيفه ولولا علي ما قامت للإسلام قائمة، فهو الذي كان يقضي على أعظمها وأبلاها، ويكفيه فخرا في ضربته لعمرو بن عبد ود، وقبلها ما جندل من أبطال قريش في بدر وأحد، وفي كل واحدة منها هو المناصر المقدام الذاب عن حياض الدين وقطب الإسلام رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فأين منها أبو بكر وعمر في كل مرة مدبرين أو قاعدين؟
وهل سمعت لأحدهما فتحا أو إمارة أو كلمة ذبوا بها عن حياض الإسلام أو أشادوا طرفا؟ ألم يحزن أبو بكر في الغار حتى أنزل الله سكينته على رسوله؟! ألم يشك عمر برسول الله (صلى الله عليه وآله) في صلح الحديبية وفتح مكة؟! ألم تكن زوجتا رسول الله عائشة وحفصة هما المهيجتان والمسببتان القلاقل في بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله).
وهذه الآيات تشهد بذلك؟ ألم يكن أبو بكر وعمر في المتخلفين عن جيش أسامة