وفتاويه المتناقضة المارة الذكر بأسانيدها وهو يقول هكذا أفتينا، وهكذا نقضي، كأنما له حق فوق الكتاب والسنة، كيفما شاء، وكيفما أرتأي، وقد مل القوم وبدا لهم سلب الحرية الفكرية والجسمية، والكلام والمنطق السليم والحجة والدليل، تلك التي خير ما يتنعم به الإنسان العاقل السليم، وذلك الذي فرضه له الإسلام وساوى بين الأفراد بنصوصه إذا عدنا إلى آيات القرآن ومنها سورة الحجرات.
واليوم يعلم المربون أن الأب إذا حكم أفراد عائلته بالشدة وزال بينهم المنطق ورأوا أبوهم يسير على خلاف ما يأمرهم به، ومخالف لعرف البلد ودينه المتبع، فهم رغم كونهم يحسون بالحقيقة يكتمونها خوفا، ويتظاهرون بخلاف الواقع، ويتعودون على النفاق والمكيدة والكذب والخديعة، ويتدربون على الرذائل.
أهكذا حكم الأمير والسائس للرعية؟ ونراهم يترقبون الفرص للتخلص منه.
وسوف نرى آراء الصحابة والكتاب في عمر، وأخص إذا علمنا أن قاتله أبو لؤلؤة الذي كان من أسراء الفرس وأصبح مملوكا للمغيرة بن شعبة، ولأنه كان فنانا أجبره المغيرة على ما لا طاقة له به من العمل على خلاف الأسرى المملوكين أمثاله فتظلم إلى عمر فرد عمر ظليمته وانحاز للمغيرة (صاحبه في السقيفة، والفضل الأول له ولأبي بكر بغصب الخلافة من علي (عليه السلام) وآل بيت الرسالة) وإذ وجد أبو لؤلؤة أن الحاكم (الخليفة) خصمه وهو سبب هذه المظالم والآلام، وخالق الشعوبية والعصبية التي قضى عليها الإسلام، وأنه يحمل النعرة التي جاء الإسلام لمحوها، فهو يصرح بانحيازه وعصبيته للعرب على كافة الأمم والملل الأخرى، ويقول ما حن عجمي على عربي، وكيف يحن وأنت تفرق بينهما؟ ولا تورث من ولد في بلاد غير عربية، فمن أين جئت بهذه الفتوى؟!
هذا عمر الذي قدم أبناء الطلقاء على الأحرار من المهاجرين والأنصار مطلقا