وكلا الوجهين مشتركان في أن الجهالة اللازم رفعها هي الجهالة في نظر المتعاقدين في مرحلة المعاقدة والمعاهدة، لا في المرحلة المنحلة إليها، وسيأتي إن شاء تعالى أن صحة العقد مبنية على نظير تعدد المطلوب، ولا بد في تصحيح العقد من دعوى العقد على الفاقد كالواجد ليعمه دليل صحة العقد، وحينئذ فدليل الصحة ودليل لزوم رفع الجهالة بالإضافة إلى هذه المرتبة متساوي النسبة، وانتظر لتمام الكلام فيما بعد أن شاء تعالى.
- قوله (رحمه الله): (إن التراضي وقع على العقد الواقع على النحو الخاص... الخ) (1).
وربما يزاد على ذلك فيقال المعاملة مقيدة بحسب الانشاء، لأن الشرط قيد وبانتفائه ينتفي المقيد، فمع قطع النظر عن اعتبار الرضا يتم الوجه.
قلت: قد عرفت سابقا أن قيدية الشئ لشئ ليس عن جزاف، بل الشئ إنما يصلح لتقييد شئ به إذا كان من شؤونه وخصوصيات وجوده، وهذا إنما يعقل في شرط الأوصاف دون شرط الأفعال والنتائج، إذ ليس شئ من الفعل والنتيجة والالتزام بهما من شؤون الملك ولا الملكية ولا التمليك ولا الرضا كما هو أوضح من أن يخفى على من التفت إلى حقيقة التقييد، وشرط الأوصاف إن كان بمعنى الالتزام بها كذلك لا يعقل أن يكون قيدا لشئ مما ذكر كما هو واضح.
بل المعقول تقييد المبيع بنفس الوصف بارجاع شرط الوصف إلى تقييد المبيع بنفس الوصف لما سمعت سابقا أن التعهد بالوصف مع عدم التزام الفقهاء بتدارك الوصف لا محصل له، فلا بد من ارجاعه إلى توصيف المبيع بلسان الشرط، فلا بد من التكلم في خصوص شرط الوصف، وعليه فالرضا غير مقيد بشئ، بل رضا بالمقيد كما أن العقد أيضا كذلك.
والتحقيق: أن الوصف إنما يكون مقيدا وموجبا لتنويع موصوفه وضيق دائرته إذا تعلق بموصوف كلي، والكلام في بيع العين الشخصية موصوفة بالوصف، ومن البين أن توصيف القيد الشخصي لا يعقل أن يقيده ويضيق دائرته كي يكون الرضا متعلقا