الملك من غير العقد وحصول الشركة من غير جهة العقد كان الملك المطلق والملك الإشاعي مقتضيا للأحكام المزبورة، ومقتضى مقتضى الشئ إنما ينسب إلى الشئ إذا كان الجهة محفوظة، ومن الواضح أن الملك من حيث إنه ملك يقتضي الأحكام المزبورة، لا من حيث إنه من مقتضيات عقد البيع مثلا أو عقد الشركة، فلا تغفل.
- قوله (رحمه الله): (ومنها ما اشتهر بينهم من جواز اشتراط الضمان في العارية وعدم جوازه في الإجارة... الخ) (1).
قد عرفت سابقا (2) ما يمكن أن يكون فارقا في نظر المشهور، بدعوى أن بناء المشهور كما في بعض الأخبار (3) على أن المستعير والمستأجر مؤتمنان، ومقتضى القاعدة حينئذ عدم نفوذ شرط الضمان في العارية والإجارة، إلا أن النص الوارد في العارية فرق بينهما.
والتحقيق: أن عقدي الإجارة والعارية بمضمونهما لا يقتضيان عدم الضمان ولا الائتمان المنافي للضمان، غاية الأمر اثبات التسليط العقدي على المنافع والانتفاع وهذا ليس بتأمين قطعا، وليس من أحكام التسليط العقدي في الإجارة إلا وجوب تمكين المستأجر من العين لاستيفائه المنافع المملوكة له، ولا يجب عليه التأمين بوجه أصلا، ومجرد جواز استيفاء المنافع والانتفاع لا يجعل العين أمانة شرعية، إذ حقيقة التأمين والاستيمان الشرعي كالمالكي استنابة الشخص لحفظ مال الغير كما في الوديعة بالإضافة إلى التأمين المالكي، وكما في الولي الشرعي بالنسبة إلى مال المولى عليه فإنه استنابة من الشارع في حفظ مال القصر، وإلا فمجرد الجواز بل اللزوم لا يجعل المال أمانة شرعية.
وعليه فالعقد بالإضافة إلى ضمان العين في العارية والإجارة لا اقتضاء، لا أنه يقتضي العدم، لأنه إنما يقتضيه إذا كان استئمانا أو ملازما للاستئمان، فإن الائتمان ينافي الضمان، وأما إذا لم يكن هناك ائتمان فلا مقتضي لعدم الضمان، وحينئذ