طويلة - إلى أن هاجر إلى البصرة ودخل في حلقة الحسن البصري الذي كان يبحث عن المسائل الاعتقادية. فوقع يوما مشاجرة بين الحسن البصري وواصل بن عطاء في مسألة، فاعتزل ابن عطاء عن حلقته وخالفه في أكثر المسائل، فحدث من هنا مسلك الاعتزال.
وممن وافق الحسن البصري في آرائه وعقائده أبو الحسن الأشعري تلميذ أبي علي الجبائي المعتزلي، وكان معاصر الإمام المحدثين، ثقة الإسلام الكليني - رضوان الله تعالى عليه - واتبع أستاذه الجبائي في الاعتزال، ثم رجع عنه. وإليه نسبت الفرقة الأشعرية، فصارت في قبال الفرقة المعتزلة.
ثم اشتد الجدال هاهنا في أوصاف الواجب - تعالى شأنه:
فذهبت الأشعرية إلى جانب الإفراط بإثبات صفات زائدة على ذاته، وسيجئ إبطاله في كلام الإمام (قدس سره).
والمعتزلة إلى جانب التفريط بنفي الصفات عنه تعالى وإثبات غاياتها وما يترتب عليها.
فمحصول قولهم: إن الذات المتعالية بذاتها نائبة مناب الصفات من قبيل " خذ الغايات واترك المبادئ "، بمعنى أن هنا عالما لا علم له وقادرا لا قدرة له وحيا لا حياة له وهكذا سائر الصفات، فغايات تلك الصفات مترتبة على الذات المقدسة، وأما مبادئها فلا.
وحكي عن بعض رؤساء المعتزلة: أنها من الاعتبارات العقلية التي لا وجود لها في الخارج، حيث أرجعوا جميع الصفات إلى صفة العلم والقدرة، وزعموا أنهما صفتان ذاتيتان هما اعتباران للذات، وسيجئ إبطاله أيضا في كلام الإمام (رحمه الله).