الأجر المسؤول يعود خيره إلى الأمة، وذلك لأن هؤلاء القربى والعترة الطاهرين هم السبيل إلى الله، فقال: * (قل ما أسألكم عليه من أجر إلا من شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلا) * (الفرقان: 57).
ولكن وقعت الواقعة بأيدي المنافقين، فقلبوا للمسلمين أمورا كلها كان سلما وصدقا وتضحية وإيثارا فبدلوها إلى أضدادها، حتى أنه بلغ الأمر إلى أن تلاكمت مشائخ الصحابة وجثمان الرسول الأطهر بين أظهرهم، فغيروا بأيديهم ما التزموه، قبيل أيام مبايعة بالاعتناق بالولاية التي سماها الله تعالى نعمة تامة * (وأتممت عليكم نعمتي) * (المائدة:
3).
فمن مغبات هذه الواقعة المؤسفة حروب الردة، وظهور العصبية والحمية الجاهلية التي كانت دفينة في نفوس القوم حديثي العهد بالإسلام تنتظر الفرصة، فطفقت تلك العصبيات والحميات تنمو وتكبر في الجو المساعد الذي حدث في الامتزاج بين الأمة المسلمة الغالبة والأمم المغلوبة، امتزاج في الحضارة والنظم الاجتماعية، ولا سيما المقتبسة من نظم القياصرة والأكاسرة في السياسة والإدارة، امتزاج في العقائد الدينية والآراء الفلسفية، خصوصا المجلوبة بعد فتح مصر من الإسكندرية التي كانت ملتقى المذاهب الفلسفية والأنظار الشرقية والغربية ومجمع الأساطير اليونانية والرومانية.
ومن البديهي أن البحث عن ذات المبدأ تعالى وصفاته كان دائرا بين أصحاب تلك العقائد الدينية والآراء الفلسفية، فبالطبع كانوا يلقون في مجالس المسلمين ويتلقاه المسلمون، وكانوا يبحثون فيما تلقوه في حلقاتهم التي كانوا يؤسسونها للمناظرات الدينية. وفيهم شياطين اليهود المستسلمة وموابذ الفرس الضاغنين على الإسلام.
ويقال: أول مدرسة فكرية ظهرت في الإسلام هي مدرسة محمد بن الحنفية ابن أمير المؤمنين (عليه السلام) في المدينة، وكان واصل بن عطاء من أهل المدينة، رباه محمد بن الحنفية وعلمه، وكان مع ابنه أبي هاشم عبد الله بن محمد، ثم صحبه بعد موت أبيه - صحبة