حديث الطلب والإرادة - محمد المحمدي الجيلاني - الصفحة ١٠
الأجر المسؤول يعود خيره إلى الأمة، وذلك لأن هؤلاء القربى والعترة الطاهرين هم السبيل إلى الله، فقال: * (قل ما أسألكم عليه من أجر إلا من شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلا) * (الفرقان: 57).
ولكن وقعت الواقعة بأيدي المنافقين، فقلبوا للمسلمين أمورا كلها كان سلما وصدقا وتضحية وإيثارا فبدلوها إلى أضدادها، حتى أنه بلغ الأمر إلى أن تلاكمت مشائخ الصحابة وجثمان الرسول الأطهر بين أظهرهم، فغيروا بأيديهم ما التزموه، قبيل أيام مبايعة بالاعتناق بالولاية التي سماها الله تعالى نعمة تامة * (وأتممت عليكم نعمتي) * (المائدة:
3).
فمن مغبات هذه الواقعة المؤسفة حروب الردة، وظهور العصبية والحمية الجاهلية التي كانت دفينة في نفوس القوم حديثي العهد بالإسلام تنتظر الفرصة، فطفقت تلك العصبيات والحميات تنمو وتكبر في الجو المساعد الذي حدث في الامتزاج بين الأمة المسلمة الغالبة والأمم المغلوبة، امتزاج في الحضارة والنظم الاجتماعية، ولا سيما المقتبسة من نظم القياصرة والأكاسرة في السياسة والإدارة، امتزاج في العقائد الدينية والآراء الفلسفية، خصوصا المجلوبة بعد فتح مصر من الإسكندرية التي كانت ملتقى المذاهب الفلسفية والأنظار الشرقية والغربية ومجمع الأساطير اليونانية والرومانية.
ومن البديهي أن البحث عن ذات المبدأ تعالى وصفاته كان دائرا بين أصحاب تلك العقائد الدينية والآراء الفلسفية، فبالطبع كانوا يلقون في مجالس المسلمين ويتلقاه المسلمون، وكانوا يبحثون فيما تلقوه في حلقاتهم التي كانوا يؤسسونها للمناظرات الدينية. وفيهم شياطين اليهود المستسلمة وموابذ الفرس الضاغنين على الإسلام.
ويقال: أول مدرسة فكرية ظهرت في الإسلام هي مدرسة محمد بن الحنفية ابن أمير المؤمنين (عليه السلام) في المدينة، وكان واصل بن عطاء من أهل المدينة، رباه محمد بن الحنفية وعلمه، وكان مع ابنه أبي هاشم عبد الله بن محمد، ثم صحبه بعد موت أبيه - صحبة
(١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة الناشر 3
2 المقدمة 9
3 في وصف المتكلم 14
4 فساد قول المعتزلة 17
5 شك ودفع: في وحدة إرادة الله وعلمه 21
6 تنبيه عرشي 23
7 فساد قول الأشاعرة 25
8 المطلب الأول ما هو المهم مما استدل به الأشعري على مطلوبه الأمر الأول: ثبوت الطلب نفسي في الأوامر الامتحانية 27
9 الأمر الثاني: حول تكليف الكفار 41
10 إيقاظ 44
11 الفصل الأول: في عنوان المسألة 47
12 الفصل الثاني: في إبطال المذهبين 53
13 الفصل الثالث: في بيان المذهب الحق 65
14 تنبيه: في شرك التفويضي وكفر الجبري 70
15 إرشاد: في استناد الأفعال إلى الله 78
16 تمثيل 82
17 تمثيل أقرب 82
18 تأييدات نقلية 83
19 الآيات 83
20 الروايات 86
21 الفصل الرابع: في ذكر بعض الشبهات الموردة ودفعها 96
22 حول إرادية الإرادة 96
23 تحقيق يندفع به الإشكال 101
24 تنبيه 106
25 حول قاعدة: الشئ ما لم يجب لم يوجد 107
26 حول علم الله تعالى واختيار الإنسان 117
27 المطلب الثاني في بيان حقيقة السعادة والشقاوة الأمر الأول: حول قاعدة " الذاتي لا يعلل " 124
28 الأمر الثاني: في فقر وجود الممكنات وعوارضه ولوازمه 129
29 الأمر الثالث: استناد الكمالات إلى الوجود 132
30 الأمر الرابع: في معنى السعادة والشقاوة 132
31 التحقيق: كون السعادة والشقاوة كسبيتين 134
32 المطلب الثالث في شمة من اختلاف خلق الطينات منشأ اختلاف النفوس 142
33 تنبيه حول مفاد بعض الأحاديث 159
34 خاتمة حول فطرة العشق إلى الكمال والتنفر عن النقص 162