والقول (1) الفحل الوسط: هو إثبات الصفات المتحدة مع الذات، لأن صرف الوجود صرف كل كمال وجمال، لا تشذ عنه حيثية كمالية، بل يرجع كل كمال وجمال إلى حقيقة الوجود بحسب الخارج، وإلا يلزم الأصلان أو الأصول، والتركيب في ذاته، والخلف في صرافة الوجود، والإمكان في الوجود الواجبي، إلى غير ذلك مما يطول ذكرها وذكر البراهين عليها [3].
[3] اعلم: أن البراهين على عينية الصفات مع الذات المقدسة كثيرة مذكورة في محلها، ولكن الإمام (قدس سره) أشار إليها من طريق صرافة الوجود، وذلك لأن الوجود حقيقة أصيلة، وكل موجود فله حقيقة بالوجود وبدونه باطل في الخارج.
وبعبارة أخرى: إذا تأملنا في هذه الحقائق الموجودة في العين وجدناها ذات حيثيتين: ماهية ووجود، فالماهيات المحمول عليها الوجود بدون الوجود باطلات.
وإنما ينتزع الموجودية عن كل موجود بالوجود، وموجودية الوجود - مع قطع النظر عما عداه - بنفس ذاته، فهو حقيقة الواجب تعالى، فهو صرف ليس له تقييد ولا تعليل، فلا جرم لا ثاني له ويكون فرض الثاني له ممتنعا، لأن غيره باطل - كما علمت - فكلما فرض ثانيا له فهو هو لا غيره.
فكل كمال وجمال يرجع إلى حقيقته المتعالية بنحو العينية، فلو لم يرجع فلا بد وأن يكون لكل كمال وجمال مرجع غير حقيقة الوجود، ولازمه ثبوت أصل أو أصول غير الوجود، وقد ثبت أصالته وصرافته، وهذا خلف.
وأيضا يلزم منه التركيب في ذاته تعالى، لأنه لما كان الواجب في ذاته مصداقا للواجبية ومطابقا للحكم عليه بالموجودية بلا جهة أخرى غير ذاته يلزم أن يكون تبارك وتعالى واجبا بجميع الحيثيات الصحيحة، وإلا لم تكن ذاته بتمامها مصداق حمل الوجود والوجوب، إذ لو فرض فاقدا لمرتبة من مراتب الوجود ووجه من وجوه الكمالات بما هو