بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين، ولعنة الله على أعدائهم أجمعين إلى يوم الدين.
وبعد: فلما انتهى بحثنا في أصول الفقه إلى مسألة الطلب والإرادة، المنتهية إلى مسألة الجبر والتفويض أردنا أن نتركها لأهلها ومحلها، لعدم إمكان أداء حقها - كما هو - في هذه المظان، لكثرة مقدماتها، ودقة مطالبها، وبعدها عن أفهام الأكثر.
إلا أن إصرار بعض المولعين بتنقيح المباحث ألجأني إلى التعرض لبعض أطراف المسألة مما يناسب المقام، والإشارة إلى ما هو التحقيق مما ساق إليه البرهان، من غير ذكر البراهين غالبا، إيكالا إلى العلم الأعلى المعد لتحقيق هذه المباحث.
ولما رأيت أن المسألة مع ذلك صارت طويلة الذيل أفرزتها من بين المباحث رسالة مفردة، مشتملة على مقدمة ومطالب [1]:
[1] جرت عادة الأصوليين في مبحث الأوامر على أن يبحثوا عن مادة الأمر وصيغته، وأنه لا يبعد كونه حقيقة في الطلب عرفا ولغة، وبحسب الاصطلاح حقيقة في