حديث الطلب والإرادة - محمد المحمدي الجيلاني - الصفحة ١٩
معيار الكمال الذاتي هو أن كل ما يمكن بالإمكان العام للوجود بما هو وجود يجب إثباته للواجب تعالى، كما هو المبرهن في محله، والإرادة هي من صفات الكمال للوجود بما هو وجود، من غير تخصص بشئ، هذا أولا.
وللزوم التركيب في ذاته المقدسة ثانيا، لما سبق في برهان عينية الصفات مع الذات المتعالية من أنه لو فرض كونه تعالى فاقدا لمرتبة من كمال الوجود بما هو وجود يتحقق عندئذ في ذاته جهة إمكانية، فيتركب ذاته تعالى من حيثيتي الوجود والعدم، وهو شر التراكيب - كما قيل - وأيضا يلزم تصور ما هو أكمل منه تبارك وتعالى.
هذا البيان إجمال ما رامه الإمام (قدس سره) من إقامة البرهان على إثبات الإرادة الذاتية، ردا على الكليني (رحمه الله) ومن يحذو حذوه، اغترارا بظواهر الأحاديث من غير إمعان النظر في مرماها.
قال سيد أعاظم أهل الغور والإمعان (قدس سره) في " القبسات " في تفسير تلك الأحاديث المروية في " الكافي " و " التوحيد " و " العيون " في باب حدوث المشية والإرادة وأنها من صفات الفعل لا من صفات الذات: إن الإرادة قد تطلق ويرام بها الفعل المصدري - بالفتح - أعني الإحداث والإيجاد، أو الفعل الحاصل بالمصدر - بالكسر - أعني نفس المعلول الحادث المتجدد.
وإنه كما لعلمه سبحانه بالأشياء مراتب، وأخير مراتبه وجود الموجودات وصدورها عنه سبحانه منكشفة غير محتجبة، على معنى أن وجودها وفيضانها عنه منكشفة غير عازبة ولا محتجبة عنه، هو بعينه معلوميتها له لا عالميته بها.
فكذلك لإرادته - جل سلطانه - مراتب، وأخيرة مراتب الإرادة هي بعينها ذوات الموجودات، وإنما هي عين الإرادة، بمعنى مراديتها له، لا بمعنى مريديته لها.
ثم المرادية أيضا بمعنى صدورها عنه بالفعل مرضيا بها، لا بمعنى كونها مرضيا بها عنده، فإن ما به فعلية الرضا - هذه هو الإرادة الذاتية هي نفس ذاته سبحانه كما سيجئ
(١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة الناشر 3
2 المقدمة 9
3 في وصف المتكلم 14
4 فساد قول المعتزلة 17
5 شك ودفع: في وحدة إرادة الله وعلمه 21
6 تنبيه عرشي 23
7 فساد قول الأشاعرة 25
8 المطلب الأول ما هو المهم مما استدل به الأشعري على مطلوبه الأمر الأول: ثبوت الطلب نفسي في الأوامر الامتحانية 27
9 الأمر الثاني: حول تكليف الكفار 41
10 إيقاظ 44
11 الفصل الأول: في عنوان المسألة 47
12 الفصل الثاني: في إبطال المذهبين 53
13 الفصل الثالث: في بيان المذهب الحق 65
14 تنبيه: في شرك التفويضي وكفر الجبري 70
15 إرشاد: في استناد الأفعال إلى الله 78
16 تمثيل 82
17 تمثيل أقرب 82
18 تأييدات نقلية 83
19 الآيات 83
20 الروايات 86
21 الفصل الرابع: في ذكر بعض الشبهات الموردة ودفعها 96
22 حول إرادية الإرادة 96
23 تحقيق يندفع به الإشكال 101
24 تنبيه 106
25 حول قاعدة: الشئ ما لم يجب لم يوجد 107
26 حول علم الله تعالى واختيار الإنسان 117
27 المطلب الثاني في بيان حقيقة السعادة والشقاوة الأمر الأول: حول قاعدة " الذاتي لا يعلل " 124
28 الأمر الثاني: في فقر وجود الممكنات وعوارضه ولوازمه 129
29 الأمر الثالث: استناد الكمالات إلى الوجود 132
30 الأمر الرابع: في معنى السعادة والشقاوة 132
31 التحقيق: كون السعادة والشقاوة كسبيتين 134
32 المطلب الثالث في شمة من اختلاف خلق الطينات منشأ اختلاف النفوس 142
33 تنبيه حول مفاد بعض الأحاديث 159
34 خاتمة حول فطرة العشق إلى الكمال والتنفر عن النقص 162