منها في الذات حكمه حكم تلك الصفات الذاتية، من أنها لا ضد لها في الوجود ولا ند ولا شبه ولا حد لها ولا برهان عليها وسائر أحكام الذات الإلهية، لأنها موجودة بذلك الوجود الواجبي الأحدي. والذي منها في الأفعال كان حكمه حكم صفاتها من قبول التضاد والحدوث والزوال وغير ذلك، وبالجملة: يكون في القديم قديما وفي الحادث حادثا.
وكثير من الناس لما نظروا في بعض الصفات ورأوا فيها آثار الحدوث حكموا بأنه تعالى محل الصفات الحادثة، وضلوا ضلالا بعيدا، وذلك لقصور فهمهم عن إدراك الوحدة الجمعية في الوجود وصفاته الكمالية.
إذا عرفت هذا فنقول: إن إرادة الله ومشيئته يمكن أخذها واعتبارها على وجه تكون من صفات الذات والفعل جميعا ويكون في القديم قديما وفي الحادث حادثا، كالعلم الإجمالي والتفصيلي، وتكون الإرادات الفعلية تفاصيل للإرادة الذاتية الإجمالية.
ولعل الذي وقع في هذا الحديث، صحيح محمد بن مسلم عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:
" المشيئة محدثة " (الكافي 1، ص 110) وغيره من أن المشيئة حادثة وأن الإرادة من صفات الفعل إنما وقع بحسب مرتبتها التفصيلية الواردة في الآيات القرآنية، أو بحسب ما يصل إليه فهم الجمهور كما أومأنا إليه.