وما قرع سمعك من بعض أصحاب الحديث (1) اغترارا بظواهر بعض الأحاديث من غير الغور إلى مغزاها - من كون إرادته تعالى حادثة مع الفعل، ومن صفات الفعل - مما يدفعه البرهان المتين، جل حضرته تعالى أن يكون في ذاته خلوا عن الإرادة التي هي من صفات الكمال للموجود بما هو موجود، وكونه كالطبائع في فعله الصادر من ذاته، للزوم التركيب في ذاته، وتصور ما هو الأكمل منه، تعالى قدسه [5].
[5] مراده (قدس سره) ببعض أصحاب الحديث إمام المحدثين الكليني (رحمه الله) في " أصول الكافي "، وصدوق الطائفة (رحمه الله) في " التوحيد " و " عيون أخبار الرضا " عليه آلاف التحية والثناء.
قال في " الكافي ": جملة القول في صفات الذات وصفات الفعل، إن كل شيئين وصفت الله بهما وكانا جميعا في الوجود فذلك صفة فعل.
وتفسير هذه الجملة: أنك تثبت في الوجود ما يريد وما لا يريد وما يرضاه وما يسخطه وما يحب وما يبغض، فلو كانت الإرادة من صفات الذات - مثل العلم والقدرة - كان ما لا يريد ناقضا لتلك الصفة، ولو كان ما لا يحب من صفات الذات كان ما يبغض ناقضا لتلك الصفة.
ألا ترى أنا لا نجد في الوجود ما لا يعلم وما لا يقدر عليه، وكذلك صفات ذاته الأزلي لسنا نصفه بقدرة وعجز [وعلم وجهل] من الصفات المتقابلات، بخلاف الصفات الذاتية مثل العلم والقدرة فإنه تعالى يوصف بهما، ويمتنع وصفه تعالى بما يقابلها في الجهل والعجز... إلى آخر ما ذكره في جملة قوله (رحمه الله).
وصريح قوله إنكار الإرادة الذاتية لله الكبير المتعال، وأنه - جلت حضرته - في مرتبة ذاته عري عن الإرادة التي هي من صفات الكمال للموجود بما هو موجود، فإن