تعلق الجعل بالذات بها كما هو المقرر في محله (1) [36].
[36] البرهان - كما تعلم - هو القياس المؤلف من المقدمات اليقينية تنتج يقينا بالذات اضطرارا، واليقين هو العلم بأن هذا كذا ولا يمكن أن لا يكون كذا.
وذكر وللمقدمة اليقينية شروطا:
منها: أن تكون ذاتية المحمول للموضوع، وقالوا: ضابطه - أي الذاتي في هذا الباب - هو المحمول الذي يؤخذ في حد الموضوع أو الموضوع أو أحد مقوماته يؤخذ في حده، وفي كلمة قصيرة: " الذاتي لا يعلل " كما هو التعبير المشهور.
فهو الأعم من الذاتي المصطلح عليه في باب الإيساغوجي - أي الكليات الخمسة - لشموله أجزاء الماهية ولوازمها، بل ولوازم الوجود أيضا فإنها لا يعلل.
وما في كلام الإمام (قدس سره): " ولوازم الوجود معللة في تحققها " كما سيمر بك في الأمر الثاني، لعله أراد: أن علتها عين علة ملزوماتها لا غيرها، لامتناع تخلل الجعل بين الشئ ولازمه، وهو المصرح به في مواضع من " الأسفار "، منها قوله (رحمه الله): وكل ما يكون من لوازم وجود الشئ الخارجي فلم يتخلل الجعل بينه وبين ذلك اللازم بحسب نحو وجوده الخارجي. فلو لزم الوجود مشمولة لضابطة الذاتي " الذاتي لا يعلل ".
وهذا الاصطلاح للذاتي هو المأخوذ في قولهم لتبيين موضوعات العلوم: " موضوع كل علم ما يبحث فيه عن عوارضه الذاتية " وقالوا تارة في تفسيره: العرض الذاتي ما يعرض الشئ بلا واسطة في العروض، وتارة أخرى: بأنه الخارج المحمول الذي يلحق الشئ لذاته أو لأمر يساويه. والتفصيل موكول إلى محله.
والعرضي المقابل للذاتي في باب البرهان أخص من العرضي في باب الإيساغوجي، فإن العرضي في باب الإيساغوجي منقسم إلى لازم ومفارق:
1 - العرضي اللازم: ما يمتنع انفكاكه عن الملزوم عقلا، مثل وصف الفردية للثلاثة