معلوليته ومعلليته، ولا يكون معللة في هذه بمعللية أخرى غير ذاتها [37].
[37] قد عرفت في الأمر الأول: أن مناط الافتقار إلى العلة هو الإمكان والليسية الذاتية، وأن الأعراض المفارقة تحتاج في عروضها للموضوعات إلى العلل والوسائط.
وأما الأعراض اللازمة فمستغنية عن العلل والأوساط في العروض، وإلا لم تكن لازمة، وهذا خلف.
فالمفارقات كلها مرهونة بالعلل في العروض وعاكفة في أبوابها، فلولا الحيثية التعليلية ما شمت المفارقات وصف العروض، إلا أن تلك الحيثية ليست فريدة في عروض المحمول للموضوع، بل هناك حيثية أخرى ربما تكون قيدا للموضوع. فمطلق الحيثيات الدخيلة في العروض إما تعليلية أو تقييدية.
فمعرفة قاعدة أنواع الحيثيات واجبة التحصيل فإن مراعاتها تعصم الإنسان عن الوقوع في مساقط الغلط والضلال.
فقول الأستاذ الإمام (قدس سره): " الماهيات الإمكانية في موجوديتها تحتاج إلى حيثية تعليلية وتقييدية " قد استهدف الحيثيتين التعليلية والتقييدية معا.
فإن الإنسان - من الماهيات الإمكانية - في قولنا: " الإنسان موجود " يحتاج في الموجودية إلى علة تعطيه الوجود، وإلى قيد يضيق به في صدق الموجودية عليه.
فالأول هو الجهة التعليلية يقال لها الواسطة في الثبوت، والثاني هو الجهة التقييدية يقال لها الواسطة في العروض. فاتصاف الإنسان بالموجودية بهذا القيد والضميمة، فالموصوف بالحقيقة هو القيد والضميمة، واتصاف الإنسان إنما هو بالعرض.
كما أن حمل الموجودية على نفس كل واحد من الوجودات الإمكانية لا تحتاج إلى الحيثية التقييدية، بل تحمل عليه بالذات وبلا واسطة في العروض، ولكن لها واسطة في الثبوت وحيثية تعليلية. فكل واحد من الموجودات الإمكانية تحمل عليه الموجودية