أول شئ خلق الله تعالى ما هو؟ فقال: " نور نبيك يا جابر، خلقه الله ثم خلق منه كل خير "، والروايات كثيرة لا مجال لذكرها.
أقول: من شاء التبسط في هذا الباب فليراجع إلى " مصباح الهداية إلى الخلافة والولاية " مع أخذ السلاح العلمي. ونحن ننقل في المقام شطرا منها، فإنه كما قيل: ولولا اللطف والإفضال منه لما طاب الحديث ولا الكلام، وكل لطيفة وظريف معنى حبيبي فيه والله الإمام.
قال (قدس سره) فيه:
مطلع: هل بلغك اختلاف ظاهر كلمات الحكماء المتألهين والفلاسفة الأقدمين، كمفيد الصناعة ومعلمها ومن يتلوه من المحققين، مع كلمات العرفاء الشامخين والمشائخ العارفين في كيفية الصدور وتعيين أول ما صدر من المبدأ الأول؟
قال في الميمر العاشر من أثولوجيا: فإن قال قائل: كيف يمكن أن تكون الأشياء من الواحد المبسوط الذي ليس فيه هوية ولا كثرة بجهة من الجهات.
قلنا: لأنه واحد محض مبسوط ليس فيه شئ من الأشياء، فلما كان واحدا محضا انبجست منه الأشياء كلها، وذلك أنه لما لم يكن له هوية انبجست منه الهوية، وأقول وأختصر القول: إنه لما لم يكن شيئا من الأشياء رأيت الأشياء كلها منه، غير أنه وإن كانت الأشياء كلها إنما انبجست منه، فإن الهوية الأولى - أعني بها هوية العقل - هي التي انبجست منه أولا بلا وسط، ثم انبجست منه جميع الهويات في العالم الأعلى والعالم الأسفل بتوسط العقل والعالم العقلي، انتهى كلامه.
ثم شرع في البرهان على مطلبه، وليس لنا الحاجة إليه، وإليه يرجع كلام سائر المحققين، كرئيس فلاسفة الإسلام في " الشفاء " وسائر مسفوراته، والشيخ المقتول وغيرهما من أساطين الحكمة وأئمة الفلسفة.
وقالت الطائفة الثانية: إن أول ما صدر منه تعالى وظهر عن حضرة الجمع هو