المطلق، وإلا فسعيد أو شقي بالإضافة.
ولما كان في نظر المؤمنين إلى عالم الآخرة لذات الدنيا بحذافيرها ومشتهياتها بأجمعها بالقياس إلى لذات الآخرة والجنة التي فيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين دائما، تكون شيئا حقيرا ضعيفا - كيفية وكمية - بل في الحقيقة لا نسبة بين المتناهي وغيره، يكون السعادة ما يوجب دخول الجنة والشقاوة ما يوجب دخول النار * (فأما الذين شقوا ففي النار لهم فيها زفير وشهيق * خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك إن ربك فعال لما يريد * وأما الذين سعدوا ففي الجنة خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك عطاء غير مجذوذ) * (1).
فمن ختم له بالخير وقدر له الجنة فهو سعيد، ولو كان في الدنيا في التعب والمرض والشدة والفقر والفاقة. ومن ختم له - والعياذ بالله - بالشر وقدر له النار فهو شقي، ولو كان في الدنيا في عيش ولذة وروح وريحان، لعدم النسبة بين لذات الدنيا ولذات الآخرة وعذابهما شدة وعدة ومدة.
وقد يطلق السعادة لدى طائفة على الخير المساوق للوجود (2)، فالوجود خير وسعادة. وتفاوت مراتب السعادات حسب تفاوت كمال الوجود، فالخير المطلق سعادة مطلقة والموجود الكامل سعيد على الإطلاق، وفي مقابله الناقص حسب مراتب نقصه.
ثم إن السعادة والشقاوة بالمعنى المتقدم أمران يحصلان للإنسان حسب عمله * (فأما من طغى * وآثر الحياة الدنيا * فإن الجحيم هي المأوى * وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى * فإن الجنة هي المأوى) * (3).