حديث الطلب والإرادة - محمد المحمدي الجيلاني - الصفحة ١٢٠
وبعبارة أخرى: نعني به أن كل واحد منهما موازن بالآخر، ولكن الأصل في هذه الموازنة والتطابق هو المعلوم، وشأن العلم هو الحكاية من وجه عن المعلوم، ومن البديهي أن الحاكي من حيث الحكاية متأخر.
وقوله: " فأول ما خلقه الله تعالى حقيقة بسيطة روحانية... " إلى آخره، اعلم: أن أولياء الحكمة وأصحاب البرهان ذكروا لإثبات هذه الحقيقة البسيطة الروحانية مناهج كثيرة:
منها: أن الواحد الحقيقي بما هو واحد لا يصدر عنه من تلك الحيثية إلا واحد، وأن ليس في طباع الكثرة بما هي كثرة أن تصدر عن الواحد. وقالوا: لعل هذا الأصل من فطريات الطبع السليم والذوق المستقيم، وقد مر بعض الكلام المرتبط بهذا الأصل في أثناء مسألة إبطال الجبر، وقلنا: إن لازمة بساطة الذات وعينية الصفات معها أن تكون مصدرا للفعل، ولا بد وأن يكون معلولها هو الوجود البسيط الذي هو عين الربط به تعالى، فلا جهة كثرة فيه بمقتضى المسانخة الذاتية بين المعلول وعلته، وهي المخصصة لصدور هذا المعلول منها دون غيره، وإلا جاز أن يكون كل شئ معلولا لكل شئ.
فالمعلول للواحد الصرف البسيط يمتنع أن يكون مركبا أو كثيرا أو متغيرا.
ولهم في ذلك مناهج أخر وبراهين ساطعة يكاد سنا برقها يذهب بالأبصار.
فليراجع إلى محالها بعد استصحاب الصلاح اللازم.
فهذا الموجود البسيط الروحاني المتوسط بينه تعالى وبين عالم الخلق لا بد وأن يكون عقلا دون النفس، فضلا عن الجسم والمادة والصورة، لعدم صلوحها لذلك كما قرر في محله.
ومن المبرهن: أن هذا الجوهر العقلي بوحدته الظلية للواحد القهار جامع لكل كمال وجمال. والنقل يؤيده، وفي الخبر: " أول ما خلق الله العقل " أو " القلم " وفي بعض آخر: " أول ما خلق الله نوري "، وفي خبر جابر بن عبد الله قال: قلت لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم):
(١٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة الناشر 3
2 المقدمة 9
3 في وصف المتكلم 14
4 فساد قول المعتزلة 17
5 شك ودفع: في وحدة إرادة الله وعلمه 21
6 تنبيه عرشي 23
7 فساد قول الأشاعرة 25
8 المطلب الأول ما هو المهم مما استدل به الأشعري على مطلوبه الأمر الأول: ثبوت الطلب نفسي في الأوامر الامتحانية 27
9 الأمر الثاني: حول تكليف الكفار 41
10 إيقاظ 44
11 الفصل الأول: في عنوان المسألة 47
12 الفصل الثاني: في إبطال المذهبين 53
13 الفصل الثالث: في بيان المذهب الحق 65
14 تنبيه: في شرك التفويضي وكفر الجبري 70
15 إرشاد: في استناد الأفعال إلى الله 78
16 تمثيل 82
17 تمثيل أقرب 82
18 تأييدات نقلية 83
19 الآيات 83
20 الروايات 86
21 الفصل الرابع: في ذكر بعض الشبهات الموردة ودفعها 96
22 حول إرادية الإرادة 96
23 تحقيق يندفع به الإشكال 101
24 تنبيه 106
25 حول قاعدة: الشئ ما لم يجب لم يوجد 107
26 حول علم الله تعالى واختيار الإنسان 117
27 المطلب الثاني في بيان حقيقة السعادة والشقاوة الأمر الأول: حول قاعدة " الذاتي لا يعلل " 124
28 الأمر الثاني: في فقر وجود الممكنات وعوارضه ولوازمه 129
29 الأمر الثالث: استناد الكمالات إلى الوجود 132
30 الأمر الرابع: في معنى السعادة والشقاوة 132
31 التحقيق: كون السعادة والشقاوة كسبيتين 134
32 المطلب الثالث في شمة من اختلاف خلق الطينات منشأ اختلاف النفوس 142
33 تنبيه حول مفاد بعض الأحاديث 159
34 خاتمة حول فطرة العشق إلى الكمال والتنفر عن النقص 162