وقال في ص 291:
إعلم أنه يجوز ويحسن التوسل، والاستغاثة، والتشفع بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى ربه سبحانه وتعالى.
وجواز ذلك وحسنه من الأمور المعلومة لكل ذي دين، المعروفة من فعل الأنبياء والمرسلين، وسير السلف الصالحين، والعلماء والعوام من المسلمين.
ولم ينكر أحد ذلك من أهل الأديان، ولا سمع به في زمن من الأزمان، حتى جاء ابن تيمية، فتكلم في ذلك بكلام يلبس فيه على الضعفاء الأغمار، وابتدع ما لم يسبق إليه في سائر الأعصار.
وحسبك أن إنكار ابن تيمية للاستغاثة والتوسل قول لم يقله عالم قبله وصار بين أهل الإسلام مثلة!!
وقد وقفت له علي كلام طويل في ذلك رأيت من الرأي القويم أن أميل عنه إلى الصراط المستقيم ولا أتتبعه بالنقض والإبطال، فإن دأب العلماء القاصدين لإيضاح الدين وإرشاد المسلمين تقريب المعنى إلى أفهامهم وتحقيق مرادهم وبيان حكمه، ورأيت كلام هذا الشخص بالضد من ذلك، فالوجه الإضراب عنه.
وأقول: إن التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم جائز في كل حال: قبل خلقه وبعد خلقه، في مدة حياته في الدنيا، وبعد موته، في مدة البرزخ وبعد البعث في عرصات القيامة والجنة وهو علي ثلاثة أنواع:
النوع الأول: أن يتوسل به، بمعنى أن طالب الحاجة يسأل الله تعالى به أو بجاهه أو ببركته. فيجوز ذلك في الأحوال الثلاثة، وقد ورد في كل منها خبر صحيح:
حديث توسل آدم (عليه السلام) بالنبي (صلى الله عليه وآله) أما الحالة الأولي: قبل خلقه فيدل علي ذلك آثار عن الأنبياء الماضين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، اقتصرنا منها علي ما تبين لنا صحته وهو ما رواه الحاكم أبو عبد الله بن البيع في (المستدرك على الصحيحين أو أحدهما) (1) قال: ثنا أبو سعيد