تكبرهم والخضوع لعبودية الله تعالى، إلا إذا انتصروا على ذاتيتهم في مقابل الأنبياء والأوصياء، واعترفوا لهم بالفضل والمكانة المميزة والاختيار الإلهي، وأنهم المبلغون عن الله تعالى.. فهذا الاعتراف مطلوب لأنه مقدمة علمية وعملية للإيمان بالله تعالى وممارسة العبودية له.
فبدون الخضوع للأنبياء والأوصياء لا يتحقق خضوع حقيقي لله تعالى، ولا إيمان حقيقي به!! وهذا هو المقصود بقوله تعالى (وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم به مشركون)!!
لقد كان من المكن أن يقول الله تعالى للناس: آمنوا بي ولا شغل لكم برسلي وأوليائي، فإنما هم مبلغون لما أرسلتهم به، وإنما (الرسول طارش) كما قال بعض الوهابيين! ولكن ذلك لا يعالج مشكلة الإنسان في التكبر على عباد الله!!
وإذا لم تنحل مشكلته هذه، لم تنحل مشكلته في التكبر على ربه وادعاءاته الفارغة بقربه منه وتكريمه له!!
فالخضوع العملي للمخلوقين الربانيين الممتازين، هو الطريق الطبيعي الوحيد للخضوع للخالق سبحانه.
وهما نوعان مختلفان من الخضوع، لأن حق الخضوع لله ذاتي، ولأوليائه تبعي جعلي.. بل هما في الحقيقة نوع واحد، لأن الخضوع للأولياء بأمر الله تعالى إنما هو خضوع لله تعالى.
وثانيا: أن جعل الأنبياء والأوصياء وسيلة إلى تعالى ضرورة ذهنية للبشر.. ذلك أن الفاصلة بين ذهن الإنسان المحدود الميال إلى المادية والمحدودية، وبين التوحيد المطلق المطلوب والضروري، فاصلة كبيرة، فهي تحتاج إلى نموذج ذهني حاضر من نوع الإنسان، يمارس التوحيد أمامه ويكون قدوة له. وبدون هذا النموذج القدوة، يبقى الإنسان في معرض الجنوح في تصوره للتوحيد وممارسته، والجنوح في هذا الموضوع الخطير، أخطر أنواع جنوح الضلال!!