كثير موضوع وبهتان منتشر.. ومضى على ذلك الفقهاء والقضاة والولاة!!
وكان أعظم الناس في ذلك بلية القراء المراؤون والمستضعفون، الذين يظهرون الخشوع والنسك، فيفتعلون الأحاديث ليحظوا بذلك عند ولاتهم، ويقربوا مجالسهم، ويصيبوا به الأموال والضياع والمنازل، حتى انتقلت تلك الأخبار، والأحاديث إلى أيدي الديانين الذين لا يستحلون الكذب والبهتان، فقبلوها ورووها وهم يظنون أنها حق! ولو علموا أنها باطلة لما رووها ولا تدينوا بها. فلم يزل الأمر كذلك حتى مات الحسن بن علي، فازداد البلاء والفتنة، فلم يبق أحد من هذا القبيل إلا وهو خائف على دمه، أو طريد في الأرض.
تفاقم الأمر:
ويضيف بن أبي الحديد نقلا عن المدائني: ثم تفاقم الأمر بعد قتل الحسين وولي عبد الملك بن مروان، فاشتد البلاء على الشيعة، وولى عليهم الحجاج بن يوسف، فتقرب إليه أهل النسك والصلاح والدين ببغض علي وموالاة أعدائه!
وموالاة من يدعي من الناس أنهم أيضا من أعدائه، فأكثروا من الرواية في فضلهم وسوابقهم ومناقبهم، وأكثروا من الغض من على وعيبه والطعن فيه والشنآن له، حتى أن إنسانا وقف للحجاج ويقال إنه جد الأصمعي عبد الملك بن قريب، فصاح به:
أيها الأمير إن أهلي عقوني فسموني عليا، وإني فقير بائس، وأنا إلى صلة الأمير محتاج، فتضاحك له الحجاج، وقال: للطف ما توسلت به، قد وليتك كذا!
وتابع ابن أبي الحديد قائلا: وقد روى ابن عرفة المعروف بنفطويه، وهو من أكابر المحدثين وأعلامهم، في تاريخه ما يناسب هذا الخبر، وقال: إن أكثر الأحاديث الموضوعة في فضائل الصحابة افتعلت في أيام بني أمية، تقربا إليهم بما يظنون أنهم يرغمون به أنوف بني هاشم!! انتهى.