في كل مصر، وتنافسوا في المنازل والدنيا، فليس يجئ أحد من الناس عاملا من عمال معاوية فيروى في عثمان فضيلة أو منقبة إلا كتب اسمه وقربه وشفعه!
فلبثوا بذلك حينا.
مرسوم ثالث لخليفة المسلمين معاوية:
كتب معاوية إلى عماله: إن الحديث في عثمان قد كثر وفشا في كل مصر، وفي كل وجه وناحية، فإذا جاءكم كتابي هذا فادعوا الناس إلى الرواية في فضائل الصحابة، والخلفاء الأوليين، ولا تتركوا خبرا يرويه أحد من المسلمين في أبي تراب إلا وتأتوني بمناقض له في الصحابة، فإن هذا أحب إلى وأقر لعيني، وأدحض لحجة أبي تراب وشيعته، وأشد عليهم من مناقب عثمان وفضله!
فقرئت كتبه على الناس، فرويت أخبار كثيرة في مناقب الصحابة مفتعلة لا حقيقة لها، وجد الناس في رواية ما يجرى هذا المجرى، حتى أشاروا بذكر ذلك على المنابر، وألقي إلى معلمي الكتاتيب، فعلموا صبيانهم وغلمانهم من ذلك الكثير الواسع، حتى رووه وتعلموه كما يتعلمون القرآن، وحتى علموا بناتهم ونساهم وخدمهم وحشمهم، فلبثوا بذلك ما شاء الله.
مرسوم رابع لخليفة المسلمين معاوية:
ثم كتب معاوية نسخة واحدة إلى جميع البلدان: انظروا من قامت عليه البينة أنه يحب عليا وأهل بيته فامحوه من الديوان، وأسقطوا عطاءه ورزقه!
وشفع ذلك بنسخة أخرى: من اتهمتموه بموالاة هؤلاء القوم فنكلوا به واهدموا داره!
فلم يكن البلاء أشد ولا أكثر منه بالعراق، ولا سيما الكوفة، حتى أن الرجل من شيعة علي ليأتيه من يثق به فيدخل بيته، فيلقي إليه سره، ويخاف من خادمه ومملوكه ولا يحدثه حتى يأخذ عليه الأيمان الغليظة ليكتمن عليه، فظهر حديث