وبعضها يدعي أنه يتصل بالله تعالى عن طريق المعرفة فيلهم العقائد والأحكام الشرعية، ولا يحتاج عند ذلك إلى شريعة! بل ولا إلى نبوة!!
وبعض الدعوات تجعل قدوتها في المعرفة بعض الصحابة أو الأولياء الذين لم يجعلهم الله تعالى ولا رسوله قدوة. بل قد يتخذ بعضهم قدوة من العرفاء والمتصوفة غير المسلمين.. إلى آخر ما هنالك من تعدد الأساليب والأهداف والقدوات.
ولهذا، فإن من المشكل جدا أن ندعو الناس إلى معرفة الله تعالى عن طريق معرفة النفس، ونقول لهم اقتدوا بأستاذكم حتى يصل أحدكم إلى الله تعالى فيصير أستاذا مجتهدا! فما أيسر أن يجلس الشيطان في هذا الطريق وينحرف بالإنسان!
سابعا: بما أن حب الذات أقوى غرائز الإنسان على الإطلاق، فإن دعوة العوام بل وأكثر المتعلمين إلى سلوك طريق العرفان والتصوف بدون تحديد الوسائل والأهداف والقدوة، يجعلهم في معرض الوقوع في عبادة الذات وتعظيمها، فيتخيل أحدهم أنه وصل إلى الله تعالى، وحصل على ارتباط به، وصار صاحب أسرار إلهية، ويزين له الشيطان العيش في عالم من نسيج الخيال وحب الذات، وقد تظهر منه ادعاءات باطلة واتجاهات منحرفة، أعاذنا الله وجميع المؤمنين.
لذلك فإن الإئتمام في المعرفة وتعيين وسائلها وهدفها من أول ضرورياتها، فالواجب التركيز على القدوة في معرفة النفس والسلوك، قبل الدعوة إلى سلوك طريق ولولا إمام له.
ثامنا: ما دامت معرفة النفس عند المتصوفة طريقا إلى معرفة الله تعالى، ومعرفة الله تعالى طريقا إلى عبادته، فالهدف المتفق عليه عند الجميع هو عبادة الله سبحانه.
وهذه العبادة التي هي غاية الخلق وطريق التكامل الإنساني الوحيد، إنما تحصل بإطاعته سبحانه، وإطاعة رسوله (صلى الله عليه وآله) وإطاعة أهل بيته (عليهم السلام) أولي الأمر الذين أمرنا الله ورسوله بإطاعتهم والاقتداء بهم..
ولذلك فلا بد في الدعوة إلى المعرفة والعرفان وتزكية النفس وتطهيرها وجهادها