والعمدة في الاستدلال على الأول قوله تعالى: قل لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا. والدليل على الثاني والثالث قوله تعالى: ولا يشرك بعبادة ربه أحدا، وقول مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام): إن أول الدين معرفته، وكمال معرفته التصديق به، وكمال التصديق به توحيده، وكمال توحيده الإخلاص له، وكمال الإخلاص له نفي الصفات عنه، بشهادة كل صفة أنها غير الموصوف وشهادة كل موصوف أنه غير الصفة، فمن وصف الله سبحانه فقد قرنه، ومن قرنه فقد ثناه ومن ثناه فقد جزأه، ومن جزأه فقد جهله. صدق ولي الله (عليه السلام). وروى محمد بن أبي عمير عن الكاظم (عليه السلام) حين سأله عن التوحيد؟ فقال: يا أبا أحمد ولولا تجاوز في التوحيد عما ذكره الله تعالى في كتابه فتهلك.
وسائر صفاته الثبوتية مذكورة في القرآن، مصرحة بواجب الوجود، وهو دليل على نفي الصفات السلبية، لاستلزامها الإمكان المضاد للوجوب. وباقي الأصول من النبوة والإمامة والمعاد الجسماني مستفاد من الكتاب العزيز والسنة النبوية والإمامية، بحيث ولولا مزيد عليها.
فظهر أن تحصيل الإيمان ولولا يتوقف على تعلم علم الكلام ولا المنطق، ولا غيرها من العلوم المدونة، بل يكفي مجرد الفطرة الإنسانية على اختلاف مراتبها، والتنبيهات الشرعية من الكتاب والسنة المتواترة أو الشائعة المشهورة، بحيث يحصل من العلم بها العلم بالمسائل المذكورة. وكل ممكن برهان، وكل آية حجة، وكل حديث دليل، وفهم المقصود استدلال، وكل عاقل مستدل، وإن لم يعلم الصغرى ولا الكبرى ولا التالي ولا المقدم، بهذه العبارات والقانونات والاصطلاحات.
- رسائل الشهيد الثاني ج 2 ص 176 الباب السادس، في الكلام على تعلم علم الكلام، واعلم أنه علم إسلامي وضعه المتكلمون لمعرفة الصانع وصفاته العليا، وزعموا أن الطريق منحصر فيه وهو أقرب الطرق. والحق أنه أبعدها وأصعبها وأكثرها خوفا وخطرا، ولذلك نهى النبي (صلى الله عليه وآله) عن