وغيره ولد على الفطرة ولكنه حال عن مقتضاها وزال عن موجبها.
ويمكن أن يفسر أنه أراد بالفطرة العصمة، وأنه منذ ولد لم يواقع قبيحا، ولا كان كافرا طرفة عين، ولا مخطئا ولا غالطا في شئ من الأشياء المتعلقة بالدين، وهذا تفسير الإمامية. انتهى.
أقول: التفسيران الأخيران اللذان ذكرهما المجلسي (رحمه الله) متحدان، لأن قصد أمير المؤمنين (عليه السلام) والله أعلم، إني ولدت على فطرة الله الصافية ولم أدنسها بعبادة وثن ولا بارتكاب ذنب، وسبقت إلى الإيمان بالنبي (صلى الله عليه وآله) والوقوف معه والهجرة معه..
ولا شك أن فطرة الله تعالى التي خلق عليها وليه ووزير رسوله صلى الله عليهما أرقى من الفطرة العادية التي يولد عليها كل مولود، فالنبي وآله خيرة الله تعالى وفطرتهم خيرة الفطر، وقد ورد في الدعاء: يا دائم الفضل على البرية، يا باسط اليدين بالعطية، يا صاحب المواهب السنية، صل على محمد وآله خير الورى سجية، واغفر لنا يا ذا العلى في هذه العشية.
وتوجد هنا مسألتان في هذا الحديث يناسب التعرض لهما، وإن كان محلهما باب الإمامة.
المسألة الأولى: أن الفرق بين السب والبراءة من وجهين:
أولهما، أن البعد السياسي في السب أقوى وأظهر منه في البراءة، والبعد العقائدي في البراءة أقوى وأظهر. فالخطر العقائدي على المسلمين في البراءة أكثر، بينما سب السلطة له (عليه السلام) وإجبارها المسلمين على ذلك ولولا تصل خطورته إلى خطورة البراءة، وإن كان فيه خطر كبير على أجيال المسلمين.
ولعل هذا هو مقصود الفقهاء الذين اعتبروا أن البراءة شهادة بالكفر بعكس السب واللعن، قال السيد الگلپايگاني (رحمه الله) في الدر النضيد ج 2 ص 253: ولعل الفرق بين السب والبراءة حيث أمر بالأول ونهى عن الثاني، أن السب صادر بالنسبة إلى المسلم