ولأنها صادرت الحريات الشرعية لفئات واسعة من الأمة، إن لم يكن لجميعها، وهما أمران يحتاجان إلى بحث مستقل.
ونستثني دولة أمير المؤمنين علي عليه السلام لأنه الحاكم الوحيد الذي قام حكمه على البيعة بالاختيار، ولم يجبر أحدا على بيعته أو القتال معه، وأعاد إلى المسلمين حريتهم في التعبير والعمل معه أو ضده!
إن نقطتي الضعف هاتين (الحكم بالغلبة، ومصادرة الحريات) هما السبب في انهيار الدول التي قامت في تاريخنا الإسلامي، رغم أنها كانت تملك أفضل الظروف، وأقوى عوامل الثبات والاستمرار!
فقد كانت النتيجة الطبيعية للنظام القرشي الذي ولدته السقيفة وقمعت لأجله الأنصار وأهل البيت عليهم السلام، أن يتسلط بنو أمية، وأن يسببوا في الأمة ردة فعل فيتسلط بنو العباس، ثم تتسلط عسكر تاريا المماليك والأتراك، ثم تدفن الخلافة العثمانية بيد الغربيين في استانبول، وبمساعدة حركات (التحرر) العربية، والحركة الوهابية السلفية!
2 - الوحدة التلفيقية بين المذاهب:
يتصور البعض أن بالإمكان توحيد المسلمين مذهبيا بالاتفاق على المشتركات في العقائد والفقه، وحل المسائل الخلافية بحلول وسط.
ويكثر هذا التصور في المثقفين على الطريقة الغربية، الذين لا يعني لهم الدين شيئا كثيرا، فضلا عن الفروقات بين مذاهبه! كما يوجد في مناطق تعايش السنة والشيعة، فيقول بعضهم: أنا مسلم وكفى، نريد إسلاما بلا مذاهب!
والإشكال عليه أنه مشروع نظري غير قابل للحياة، فليس له ضابطة تعين المشتركات، ولا من سيختارون المذهب الملفق من المذاهب؟!