مختار من ربه عليه السلام وبين غاصب لسلطته، لا يمكن أن تكون إلا جدلية النفي التام! فالقيادة المعصومة والغاصبة ضدان يستحيل أن يجتمعا. ومهما بدا لنا من إمضاء المعصوم عليه السلام لوضع من الأوضاع، فلا بد أن يكون رحمة بالأمة من أجل تقليل الضياع، وتأخير الانهيار، وحفظ ما يمكن من المهدور، وتصريف ما يجب تصريفه من الأمور.
ومحال أن يكون إعطاء روح لميت، أو منح شرعية لغاصب!
وبهذا نعرف أن كل محاولات التقليل من هذه الجدلية لا تنسجم مع أس أساس المذهب الذي هو بيعة الغدير، وبقية نصوص النبي صلى الله عليه وآله القاطعة على إمامة علي عليه السلام والعترة الطاهرة وعصمتهم عليهم السلام، ولا مع موقف أمير المؤمنين والصديقة الزهراء وجميع الأئمة عليهم السلام الذي يؤكد على أن كل ترتيب يزعمه أحد في قبال المعصوم فهو رد على الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله ومعلم من معالم الضلال البشري في مقابل الهدى الإلهي، وخط انحراف في مقابل الصراط المستقيم.
إن النبي صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام مهما أمرونا أن نسكت على نظام حكم من غصبهم سلطانهم الرباني، أو أن نتعاون معه في المشتركات، فلم يجيزوا لنا أن نعطي نظامه حرفا من الشرعية، إلا ما جاز في خوف وتقية.
نسبة الفتوحات الإسلامية إلى الولاة لا إلى الأمة:
يهول علينا خصوم أهل البيت عليهم السلام بأن أبا بكر وعمر وعثمان هم الذين قادوا الفتوحات الإسلامية، وأن عليا عليه السلام انشغل عنها بالحروب الداخلية، حرب الجمل عائشة وطلحة والزبير، وحرب صفين مع معاوية، والنهروان مع الخوارج، فقد أوقف حركة الفتوحات، أو أنها كانت تمت قبل عهده.