وعندما غلبهم الإنكليز ورتبوا الأمر مع رؤساء العشائر (القادة الحقيقيين لثورة العشرين) واتفقوا معهم أن ينصبوا على العراق ملكا من أولاد الشريف حسين، عاد المراجع إلى حوزاتهم وسيرتهم في اعتزال العمل السياسي، ومواصلة عملهم الأصلي في التدريس والتبليغ وحفظ معالم الدين، والتعايش مع الحكومة الجديدة، كما كانوا يتعايشون مع الوالي العثماني!
في تلك الفترة توجهت سهام النقد إلى المرجعية لماذا لم يواصلوا العمل حتى يفرضوا الحكم الإسلامي في العراق، أو لماذا لم يشاركوا في الحكومة ويفرضوا على الملك والإنكليز شخصيات كفوءة، فقد تسبب رفضهم المشاركة في أن يعتمد الإنكليز والملك على موظفي الدولة العثمانية ويسلموهم مقدرات البلد، وقد كان أحدهم مثلا نوري السعيد!
لكن المراجع كانوا يسرون بحجتهم إلى خاصتهم بأننا قد غلبنا ولا جمهور لنا، ولا أدوات ضغط بأيدينا، ومشاركتنا في الحكم لن تكون إلا شهادة زور وإعطاء شرعية لغير الشرعي، وهذا ليس شغلنا!
عادت المرجعية إلى تقليديتها الإنكماشية حتى كانت مرجعية السيد الحكيم فانتهج قدس سره التقليدية الإصلاحية، واغتنم فرصة زيارة الملك فيصل إلى النجف حيث كان عرف المرجعية يقضي بأن يلتقي المرجع مع الملك في حرم أمير المؤمنين عليه السلام، فالتقى به وقدم له مجموعة مطالب تتعلق بالحرية المذهبية، وإنصاف المناطق المحرومة.
وعندما نجحت ثورة عبد الكريم قاسم أرسل اليه السيد قدس سره رسالة تهنئة تضمنت عددا من المطالب المشابهة.