عن أبي الوليد عن ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن ابن أبي مليكة، عن المسور بن مخرمة، أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: (فاطمة بضعة مني، من أغضبها فقد أغضبني). نوجه كلامنا حول هذا الحديث إلى الفقيه السني وليس إلى السفيه! فماذا تقضي فقاهته في سند هذا الحديث، ودلالته؟
أما سنده فهو عندهم في الدرجة العليا حيث رواه البخاري الذي (يحتاط) في الرواية عن الإمام جعفر الصادق عليه السلام!
وقد صحح هذا الحديث الذهبي الذي يعتبرونه أنقد نقادهم للحديث، وصحح حديث: (إن الرب يرضى لرضا فاطمة ويغضب لغضب فاطمة) فالحديث عندهم في حد مقطوع الصدور عن النبي صلى الله عليه وآله، (1) ونحن أردنا حديث البخاري مفسرا ومؤيدا لحديث الذهبي، فعلى ماذا يدل هذا الحديث؟
من أين ينشأ الرضا والغضب في أنواع الناس؟
تقوم حياة النبات على قوتين، قوة جذب الملائم، وقوة دفع المنافر. وتظهر هاتان القوتان في حياة الحيوان بصورة قوة رضا وقوة غضب، وتستمدان وجودهما من الطبع والغريزة.
وأما في حياة الإنسان، ولا نقصد بها حياتنا نحن، فليس مجلسنا هذا مجلس مجاملات، إن معنى حياة الإنسان أن يصل أحدنا إلى درجة الإنسان الذي دعامة وجوده العقل: دعامة الإنسان العقل. (2) حينئذ يكون العقل منشأ كل رضاه وغضبه، أما قبل ذلك فمنشؤهما الطبع والغريزة!
هل وصلت أنا إلى مرحلة الإنسان الذي ينشأ رضاه وغضبه من عقله؟ أقول: كلا، أبدا، وكل عاقل لابد أن يعرف في أول درجات تعقله أنه لم يبلغ درجة الإنسان العاقل، وهذا الاعتراف أمر مهم!