جن الليل غسلها علي، ووضعها على السرير، وقال للحسن أدع لي أبا ذر فدعاه، فحملاها إلى المصلى، فصلى عليها ثم صلى ركعتين، ورفع يديه إلى السماء فنادى: هذه بنت نبيك فاطمة، أخرجتها من الظلمات إلى النور، فأضاءت الأرض ميلا في ميل! (مقتل الحسين للخوارزمي 1: 86، البحار 43: 214، عوالم العلوم: 11 / 514 ط. ثانية).
ورفع يديه إلى السماء فنادى: هذه بنت نبيك فاطمة أخرجتها من الظلمات إلى النور!
ماذا يعني هذا الكلام؟! لاحظوا أنه عليه السلام قال ذلك مجملا، فهذا المطلب لا يمكن أن يقوله لغير الله تعالى! قال له إلهي إنك أخذت فاطمة من هذه الدنيا المظلمة، إلى حيث النور نور السماوات والأرض.
ولاحظوا أن الله أجاب عليا وكأنه قال له نعم نقلتها إلى النور حيث خلقت روحها من نور ربها وفي نور ربها، وما أن أكمل أمير المؤمنين عليه السلام كلمته حتى أضاء نورها من نقطة بدنها الطاهر عليها السلام إلى ميل في ميل، تصديقا لعلي عليه السلام وتطمينا له!
ماذا يعني هذا؟! يعني أن حقيقة: إنا لله وإنا إليه راجعون، للجميع، أما فاطمة فإلى نور عظمة الله الذي منه خلقت، وإليه عادت!
هذه فاطمة.. وإلى ذلك النور ذهبت روحها، وبهذا النحو استقبل ذلك العالم بدنها الذي كان في عالم الظلمة!
وهذه فاطمة التي بلغت مقام: إن الرب ليغضب لغضب فاطمة ويرضى لرضاها! ومن المهم هنا أن نشير إلى أن البخاري يروي في صحيحه عن عائشة أنها قالت: فغضبت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله فهجرت أبا بكر فلم تزل مهاجرته حتى توفيت! (: 4 / 41). وروى غيره أنها أوصت عليا عليه السلام أن يدفنها سرا ولا يعلمهم بجنازتها!