ثم توفيت صلوات الله عليها وعلى أبيها وبعلها وبنيها، فصاحت أهل المدينة صيحة واحدة واجتمعت نساء بني هاشم في دارها، فصرخن صرخة واحدة كادت المدينة أن تزعزع من صراخهن وهن يقلن: يا سيدتاه يا بنت رسول الله!
وأقبل الناس مثل عرف الفرس إلى علي وهو جالس، والحسن والحسين بين يديه يبكيان فبكى الناس لبكائهما، وخرجت أم كلثوم وعليها برقعة وتجر ذيلها متجللة برداء عليها تسحبها، وهي تقول: يا أبتاه يا رسول الله، الآن حقا فقدناك فقدا لا لقاء بعده، واجتمع الناس فجلسوا وهم يرجون وينظرون أن تخرج الجنازة فيصلون عليها.
وخرج أبو ذر فقال: انصرفوا فإن ابنة رسول الله قد أخر إخراجها في هذه العشية، فقام الناس وانصرفوا، فلما أن هدأت العيون، ومضى من الليل، أخرجها علي والحسن والحسين، وعمار، والمقداد، وعقيل، والزبير وأبو ذر، وسلمان، وبريدة، ونفر من بني هاشم وخواصه، صلوا عليها، ودفنوها في جوف الليل وسوى على حواليها قبورا مزورة مقدار سبعة حتى لا يعرف قبرها). انتهى.
* *