وغضبها منشؤه من الله تعالى فقط، وليس من نفسها ولا من عالم الخلق، وكان معناه درجة العصمة الكبرى التي لرسول الله صلى الله عليه وآله؟!
فما معنى قوله صلى الله عليه وآله بعد هذا المقام: إن الرب يرضى لرضى فاطمة ويغضب لغضب فاطمة؟ ما معنى الصعود إلى درجة أعلى تكون لام الرضا من جهة فاطمة عليها السلام؟! هنا يفهم الكلام من يعرف فاطمة عليها السلام ما هي؟
والذي يعرف فاطمة من هي هو الإمام جعفر الصادق عليه السلام الذي يقول: إنما سميت فاطمة فاطمة، لأن الناس فطموا عن معرفتها. (تفسير فرات ص 581، البحار: 43 / 65) فثبت بالدليل أننا مفطومون عن معرفتها، لأننا عاجزون عن معرفة تلك الدرجة الأعلى التي تجعل الله تعالى يرضى لرضاها ويغضب لغضبها!! عاجزون عن معرفة هذه المخلوقة الربانية، والحوراء الإنسية، ما هي، وفي أي أفق هي؟!
لقد كشف لنا أمير المؤمنين عليه السلام ليلة دفنها عن نافذة من مقامها عليها السلام، حيث قال: أما حزني فسرمد، وأما ليلي فمسهد! (أمالي المفيد ص 281) وينبغي أن نعرف أن الذي يقول ذلك هو الذي عرف الدنيا والآخرة، ووضعهما كلتيهما تحت قدميه! لكن غصة فقد فاطمة أرهقته، لأنه يعرف من هي فاطمة! لاحظوا كلماته عليه السلام عندما صلى على جنازتها، فقد حدث عند جنازتها ما لم يحدث عند جنازة أحد! ولا نستطيع أن نذكر أكثر من هذا:
في البحار عن مصباح الأنوار للخوارزمي عن أبي عبد الله الحسين عليه السلام قال:
إن أمير المؤمنين عليه السلام غسل فاطمة عليها السلام ثلاثا وخمسا، وجعل في الغسلة الخامسة الآخرة شيئا من الكافور، وأشعرها مئزرا سابغا دون الكفن، وكان هو الذي يلي ذلك منها، وهو يقول: اللهم إنها أمتك، وبنت رسولك، وصفيك وخيرتك من خلقك، اللهم لقنها حجتها، وأعظم برهانها، وأعل درجتها، واجمع بينها وبين أبيها محمد صلى الله عليه وآله. فلما