رجلا يأتنا فترى من جهله ما يستدل به عليه، فبعث إليه فأتاه فقال له بنو هاشم: يا أبا الحسن اصعد المنبر وانصب لنا علما نعبد الله عليه، فصعد المنبر، فقعد مليا لا يتكلم مطرقا، ثم انتفض انتفاضة واستوى قائما، وحمد الله وأثنى عليه وصلى على نبيه وأهل بيته. ثم قال: أول عبادة الله معرفته، وأصل معرفة الله توحيده، ونظام توحيد الله نفي الصفات عنه، لشهادة العقول أن كل موصوف مخلوق، وشهادة كل مخلوق أن له خالقا ليس بصفة ولا موصوف، وشهادة كل صفة وموصوف بالاقتران، وشهادة الاقتران بالحدث، وشهادة الحدث بالامتناع من الأزل الممتنع من الحدث، فليس الله عرف من عرف بالتشبيه ذاته، ولا إياه وحد من اكتنهه، ولا حقيقته أصاب من مثله، ولا به صدق من نهاه، ولا صمد صمده من أشار إليه، ولا إياه عنى من شبهه، ولا له تذلل من بعضه، ولا إياه أراد من توهمه).
أيهما نصدق: 1 - (فمذهب النفي لا يجوز). أو 2 - (ونظام توحيد الله نفي الصفات عنه)، أليس بين القولين تناقضا؟؟؟؟
النقطة الخامسة: نحن نثبت علو الله على خلقه، وإذا سئلنا: أين الله؟
نقول: في السماء، أي في العلو فوق السماوات السبع، ونستدل على ذلك بآيات وأحاديث كثيرة منها - وسأذكر لك بعض الآيات فقط: (يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلي) (بل رفعه الله إليه) (إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه) (يا هامان ابن لي صرحا لعلي أبلغ الأسباب أسباب السماوات فأطلع إلى إله موسى وإني لأظنه كاذبا) (أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصبا فستعلمون كيف نذير)