إفهم يا مشارك: مدركات العقل عندنا قطعية وغير قطعية، فغير القطعية لا تغني من الحق شيئا، سواء كانت قريبة من العلم القطعي إلى 99 درجة، أو ظنا، أو شكا، أو وهما، أو خيالا.. أما القطعيات العقلية والذهنية (البديهيات والكسبيات اليقينية ولوازمها القطعية) فهي حجة لله تعالى على عباده، وبها يفهم العباد ربهم، وبها أفكر وأصل إلى نتائج، وأناقشك وتناقشني..
ومن هذه اليقينيات أن الله تعالى ليس من نوع المادة، وليس خاضعا للزمان والمكان وقوانينهما وقوانين ما فيهما، وإلا لكانا معه أو قبله، وكانا آلهة معه أو قبله! وهذه اليقينية تستلزم نفي صفات المادة عنه، وتنزيهه عن الخضوع لما تخضع.. وتفتح أبوابا من العلم به عز وجل.
يا مشارك، أثبت لله تعالى ما شئت مما أثبته لنفسه، ولكن لا تخضع ذاته ولا صفاته لقوانين المادة والأجسام!! أما أنتم فعندما رأيتم الذين سيطر عليهم هاجس (التنزيه) فأفرطوا في السلوب حتى وصلوا إلى شبيه العدم ومقولات الجهمية.. أصابتكم من أفكارهم ردة فعل، فأفرطتم في الإثبات وجسمتم الله تعالى! لتصوركم أنه لا يمكن إثبات الصفات له إلا بتجسيمه سبحانه! وعندما جسمتم وقعتم في التناقض، لأنكم أخضعتم ذاته سبحانه للمكان والزمان وقوانين المادة!
ثم أردتم أن تعدلوا (المايلة) فقلتم إنه جسم، لكنه لا كيف لذاته وصفاته!! فوقعتم في حيص بيص.. فكيف يكون جسما تثبتون له الأين والزمان وبقية صفات المادة، ثم يكون كيف ذاته، وكيف صفاته غير