العالمين فاطمة الزهراء حتى فارقت الحياة، ولم يبايعه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب مدة حياتها، والزبير لم يبايعه إلا بعد أن كسروا سيفه وأخذوه قهرا، والمقداد لم يبايعه إلا بعد ما ضربوه، وكذلك سلمان وأبو ذر وعمار وحذيفة وبريدة وأتباعهم، وكثير من سائر المسلمين؟!
وأما الوجه الثاني ففيه:
أنه إن أريد ثبوت الإجماع على حقية أحد الثلاثة بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقبل بيعة أبي بكر فهو ممنوع، لأن المسلمين أو أهل الحل والعقد منهم لم يجتمعوا حتى تعرف آراؤهم، ومن اجتمع منهم في السقيفة كان بعضهم يرى أن سعد بن عبادة حقيق بها * فكيف يدعى وقوع الإجماع حينئذ على حقية أحد الثلاثة المذكورين؟ على أنا لم نسمع أن أحدا ذكر العباس حينئذ.
وإن أريد ثبوت الإجماع المذكور بعد بيعة أبي بكر فهو ينافي ما زعموه من الإجماع على بيعة أبي بكر خاصة إن اتفق زمن الاجماعين، وإلا بطل الاجماع على حقية أحد الثلاثة سواء تقدم أم تأخر، لأن الإجماع على تعيين واحد هو الذي يجب اتباعه، فيكون الحق مختصا بأبي بكر ولم يصح جعل الإجماع على حقية أحد الثلاثة دليلا ثانيا. ويحتمل بطلان الإجماع المتقدم وصحة المتأخر مطلقا، وهو الأقرب.
قوله: " إنهما لم ينازعا أبا بكر ولو لم يكن على الحق لنازعاه كما نازع علي معاوية، لأن العادة تقضي بالمنازعة في مثل ذلك ".
فيه: إن أريد من المنازعة خصوص المحاربة فإنه لم يكن له ناصر إلا أقل القليل، وقد صرح بقلة ناصريه في غير واحد من خطبه وكلماته، من أشهرها الخطبة الشقشقية حيث قال: " فطفقت أرتأي بين أن أصول بيد جذاء أو أصبر على طخية عمياء ".
وقوله: " وفاطمة مع علو منصبها زوجته والحسن والحسين.. " عجيب جدا، فإن فاطمة عليها السلام لم يصدقها أبو بكر في مطالبتها بفدك، ورد شهادة الحسنين عليهما السلام، فكيف يقدم على المحاربة اعتمادا على أن هذه زوجته وهما