لا دليل عليها إلا من أحاديثهم وعن أسانيدهم خاصة، ولا وجه لإلزامنا بها..
هذا أولا. وثانيا: فإن أسانيد هذا الحديث كلها ساقطة عن الاعتبار بضعف رجالها، مضافا إلى أنها جميعا تنتهي إلى عائشة، وهي في مثل هذه القضية - لكونها بنت أبي بكر، ومناوئة لعلي عليه السلام - متهمة في النقل.
هذا من حيث السند.
وأما من حيث الدلالة، فإنها وإن اشتملت على أمره صلى الله عليه وآله وسلم إياه بالصلاة بالناس في موضعه، لكنها جميعا مشتملة على خروجه إلى المحراب وإمامته في تلك الصلاة بنفسه الشريفة.
فهذا ما جاء في نفس الأخبار المستدل بها على الاستخلاف، وليست أخبارا أخرى، كما ليست الصلاة صلاة أخرى.. ولا ريب في أن خروجه للصلاة بنفسه - بعد أمر أبا بكر بالصلاة كما هو المفروض - عزل له عن ذلك.
فمن قال بأنه صلى الله عليه وآله عزله عن الصلاة فإنما أراد هذا المعنى، ولم يرد ورود رواية في كتاب لأهل السنة مشتملة على لفظ العزل حتى يقال: (ورواية العزل افتراء من الروافض).
وكأن السعد قد تبع في هذا القول شيخه العضد حيث قال: " وما نقلوه فيه مختلق ".. ولم يشر أحد منهما ولا غيرهما إلى تلك الرواية ومن رواها؟
هذا، ولم يتعرض السعد إلى دعوى صلاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم خلف أبي بكر، وظاهره القول بعدم صحة ذلك، وفاقا لكبار الحفاظ المحققين أمثال: ابن الجوزي وابن عبد البر والنووي.. وهو ظاهر شيخه القاضي العضد . وهذا هو الحق.. فإن النبي لا يصلي خلف أحد من أفراد أمته، وهو المستفاد من قوله تعالى: * (يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله) * (1) وهو المصرح به في كلام عدة من كبار الفقهاء كمالك بن أنس وأتباعه وآخرين،