الوجه الأول وجعلوه العمدة - من الإجماع على بيعة أبي بكر خاصة، إن اتفق زمن الإجماعين، وإلا بطل الإجماع على حقية أحدهم سواء تقدم أم تأخر، لأن الإجماع على تعيين واحد هو الذي يجب اتباعه، فيكون الحق مختصا بأبي بكر، ولم يصح جعل الإجماع على حقية أحد الثلاثة وجها ثانيا. ويحتمل بطلان الإجماع المتقدم وصحة المتأخر مطلقا، وهو الأقرب.
قوله: (ثم إن عليا والعباس بايعا أبا بكر وسلما له الأمر) قلت: قد أشرت إلى أنه متى بايع علي؟ وكيف بايع؟
قوله: (فلو لم يكن على الحق لنازعاه).
قلت:
إن أريد من المنازعة خصوص المحاربة، فإنه لم يكن له ناصر إلا أقل القليل، وقد صرح بقلة ناصريه في غير واحد من خطبه وكلماته ورسائله، وناهيك بالخطبة الشقشقية. وما ذكر السعد من كثرة أعوانه وكون أكثر المهاجرين والأنصار والرؤساء معه مخالف للواقع كما عرفت. وإن أريد من المنازعة المعارضة بغير حرب فهذا ما قد فعله، بل يكفي الامتناع عن البيعة منه ومن أهله وذويه وأتباعه تبعا له، بل توفيت الزهراء الطاهرة ولم تبايعه، وهي وعلي يعلمان بأن " من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية " بل إنه حملها - والحسنين - إلى وجوه الأصحاب مستنصرا فلم ينصروه، كما رواه غير واحد من المؤرخين (1) وهذا ما ذكره معاوية في كتاب له إليه معيرا إياه به.
قوله: (لأن ترك المنازعة يكون مخلا بالعصمة..).
قلت: ترك المنازعة إنما يكون مخلا بالعصمة مع الاقتدار، ولذا قام بالواجب أمام معاوية وما سكت عنه.
ثم لو سلمنا أن الإمام عليه السلام ترك المنازعة مطلقا في الأشهر الستة