والحاصل عدم قدح انتفاء الأخوة النسبية بين علي والرسول عليهما السلام في عموم الحديث، لكون الأخوة بمنزلة المستثنى لظهور انتفائها بينهما.
وأما ثانيا: فإن الإشكال بانتفاء النبوة عن علي عليه السلام في غير محله لأن صريح الحديث استثناؤها، ولذا لم يستشكل أحد بذلك، وقال الشارح: (ولو ترك قوله (ونبيا) لكان أولى).
وأما ثالثا: فإن العام المخصوص حجة في الباقي بإجماع الصحابة والسلف، وإنكار ذلك مكابرة، نص على ذلك علماء الأصول، قال البزدوي في أصوله: " إجماع السلف على الاحتجاج بالعموم " قال شارحه البخاري في (كشف الأسرار): " أي: بالعام الذي خص منه.. الاحتجاج بالعمومات المخصوص منها مشهور بين الصحابة ومن بعدهم، بحيث يعد إنكاره من المكابرة، فكان إجماعا ".
فظهر عموم الحديث، فيثبت لعلي عليه السلام كل ما ثبت لهارون عليه السلام من المنازل من الخلافة والعصمة والأفضلية وفرض الطاعة وغيرها..
إلا النبوة.
هذا، ولا يخفى أن الماتن يعترف بظهور الحديث في العموم، إلا أنه يدعي ترك هذا الظهور، لكن الشارح يغير معنى كلام الماتن فيقول بشرح: (كيف والظاهر متروك. أي: وإن فرض أن الحديث يعم..) وهذا تعسف واضح.
وأما الإشكال على دلالة الحديث على فرض الطاعة - كما في ثاني وجهي الاستدلال - وقوله (363):
(ونفاذ أمر هارون بعد وفاة موسى لنبوته لا للخلافة عن موسى..).
فعجيب جدا، لأن هارون كان خليفة لموسى بنص القرآن الكريم إذ قال له * (اخلفني في قومي) * أي: كن خليفتي في قومي ونافذ أمرك فيهم " كما ذكر المفسرون بأجمعهم كالرازي والزمخشري والبيضاوي والنيسابوري والنسفي وابن كثير والخازن.. وهذا لا ينافي كونه نبيا.